العبرة بالإجراءات الإصلاحية للحكومة الجديدة

الاقتصاد الآن

'بيتك' للأبحاث ': رغم نتائج انتخابات اليونان الايجابية مخاطر الهبوط لمنطقة اليورو قائمة

862 مشاهدات 0


بين تقرير أعدته شركة بيتك للأبحاث المحدودة ، التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي ' بيتك' ، أنه على الرغم من النتائج الايجابية للانتخابات اليونانية الأخيرة والتي تعتبر بمثابة استفتاء على بقاء اليونان ضمن اليورو ونجاح هذه النتائج في إحداث تحسن نسبي في معنويات الأسواق ، إلا أن هذه الآثار الايجابية لن تنجح في إزالة المخاطر المحدقة باليونان ومنطقة اليورو عموما على المدى الطويل ، حيث لاتزال المشاكل الهيكلية باقية ، مشيرا إلى أن هذه المخاطر ستزول مع تحسن ظروف الاقتصاد الكلي اليوناني ، وبدء الحكومة الجديدة في اتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية .. وفيما يلي التفاصيل :

شهدت اليونان بتاريخ  17 يونيو الجاري جولة جديدة من الانتخابات ، فاز بها حزب الديمقراطية الجديدة   بعدد 129 مقعدا ،  متقدما بنسبة 3 % على حزب سيرزا ، والذي حل ثانيا وبعدد مقاعد بلغ 71 مقعدا ، وقد جاءت هذه الانتخابات في مسعى لتشكيل الحكومة في وقت تتكثف فيه المخاطر في منطقة اليورو. وقد جرت الانتخابات في وقت حرج بالنسبة لليونان وسط اضطرابات على نطاق أوسع في منطقة اليورو، بما في ذلك خطة الإنقاذ البنكية الاسبانية، وآفاق عملية الإنقاذ المقبلة لقبرص، وتزايد المخاوف حول التوقعات المالية في ايطاليا. وقد وصفت هذه الانتخابات على أنها استفتاء على البقاء في العملة الموحدة (اليورو) أو ربما تسريع الطريق نحو خروج اليونان من منطقة اليورو ، او ما بات يعرف بمصطلح  (جريكست) .

وقال انتو نيس ساماراس زعيم حزب الديمقراطية  الجديدة إن اليونانيين صوتوا للبقاء في منطقة اليورو ودعا لتشكيل 'حكومة إنقاذ وطني ، ودعا لتوسيع المشاركة من مختلف الأطراف قدر الإمكان. وفي الوقت ذاته ، صرح رئيس حزب الحركة الاشتراكية اليونانية ( باسوك  السيد فينيزيلوس ، انه على الرغم من أن في البداية دعا إلى مشاركة حزب سيرزا  في الائتلاف كشرط مسبق لحزب باسوك على المشاركة، إلا انه أشار في وقت لاحق من ذلك أنه لا مشكلة لديه من دعم حكومة من دون حزب سيرزا  ، دون أن يوضح الكيفية بالضبط. كما أشار حزب اليسار الديمقراطي أنه حريص على المشاركة في حكومة ائتلافية، وطالما تم استيفاء شروط معينة. نعتقد أن هناك أرضية مشتركة كبيرة بين الأحزاب ، وتشكيل ائتلاف هو النتيجة المحتملة. وتتفق الأحزاب على البقاء في عضوية اليورو، والحاجة إلى تجنب أي إجراءات من جانب واحد وإعادة التفاوض على برنامج التكيف لتحقيق تسوية مالية أكثر تدرجا ودعم النمو والوظائف.
من وجهة نظرنا، فإننا نرى في ان هذه الانتخابات توفر دعما  كبيرا لاستمرار برنامج الإنقاذ. نحن نعتقد ان قادة الاتحاد الأوروبي سيقبلون بما يلي :
  1) شروط أفضل من حيث أسعار الفائدة المطبقة في القروض الرسمية .
 2) تمديد لفترة إسقاط الديون والعجز المالي .
3) اتخاذ تدابير إضافية لدعم النمو في اليونان.
بعد انتخاب رئيس من احد الأحزاب التي ترى بتطبيق خطة إنقاذ اليونان ، فان ترجيح وجود ائتلاف حاكم يوناني مؤيد لليورو يقلل من مخاطر الخروج الفوري لليونان من اليورو. وهذا يخلق أجواء إيجابية في الأسواق وفي أوساط المستثمرين. وارتفع اليورو مقابل الدولار إلى مستوى  1.269  كما في تاريخ 18 يونيو 2012 ، مرتفعا من 1.232 كما بداية يونيو 2012 ، وذلك بعد ان تراجعت المخاوف التي من شأنها أن تضطر اليونان بسببها إلى الخروج من اليورو. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، سجل اليورو مقابل الدولار مستويات متدنية  بعد ان طلبت اسبانيا حزمة إنقاذ يبلغ حجمها 100 مليار يورو ( 127 مليار دولار )  لدعم بنوكها ، لتصبح بذلك الدولة الرابعة في الاتحاد الأوروبي التي تطلب الحصول على مساعدات دولية.
وعلاوة على ذلك، فقد تراجعت أسعار الذهب للمرة الأولى في سبعة أيام لتسجل 1622 دولارا للأونصة كما  في 18 يونيو 2012، بعد أن أظهرت التوقعات في اليونان فوزا لأحزاب المؤيدة لخطة الإنقاذ بمقاعد كافية للسيطرة على البرلمان، إضافة إلى الحد من الطلب على الأصول الآمنة.

مخاطر الهبوط لمنطقة اليورو باقية
على الرغم من حدوث تحسن طفيف في معنويات السوق، فان المخاطر على المدى الطويل بالنسبة لليونان لا تزال قائمة. ولا يمكن ان تزول هذه المخاطر إلا عندما تتحسن ظروف الاقتصاد الكلي اليوناني ،  إضافة إلى بدأ الحكومة الجديدة بتحقيق نتائج كبيرة من مبادرات الإصلاح. وتعتبر نتائج الانتخابات اليونانية إيجابية على نطاق واسع، ولكن علينا أن نعترف بأن مخاطر الهبوط ما زالت قائمة لمنطقة اليورو.
فعلى سبيل المثال، انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب في منطقة اليورو إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات عند 46 نقطة كما في مايو عام 2012 من 46.7 نقطة في ابريل 2012.وهذا يشير إلى أن الاقتصاد لا يزال يكافح في ظل أزمة الديون السيادية المتفاقمة.
و أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في منطقة اليورو لشهر مايو 2012  أن القطاع  تراجع بعنف ، جنبا إلى جنب مع الانخفاض القوي في قطاع السلع المنتجة . وهو ما تشير إليه بيانات التصنيع أيضا. يشار إلى أن هناك أيضا علامات أخرى من الضعف بدأت تنتشر في الدول الأعضاء ، من الدول غير الأساسية إلى الأمم الأساسية، حيث يخشى لألمانيا ان تنزلق مرة أخرى إلى الانكماش.
وانخفض الإنتاج الألماني للمرة الأولى منذ نوفمبر الماضي، وعلى الرغم ان الانخفاض كان متواضعا، فإن معدل الانخفاض كان الأسرع منذ قرابة ثلاث سنوات. وتسارع الانكماش في فرنسا واسبانيا، في حين أن إيطاليا شهدت تقليلا في معدل انخفاض الإنتاج لكنها ظلت غارقة تماما في التراجع الاقتصادي الحاد.
وقد واجهت الشركات مرة أخرى الضعف المستمر في الطلب، مما يؤدي إلى مزيد من فقدان الوظائف. وقد تراجعت قراءة الأعمال الجديدة إلى أسرع وتيرة منذ نحو ثلاث سنوات، مع علامات على تسارع التراجع في كل من ألمانيا وفرنسا واسبانيا، في حين سجلت ايطاليا مزيد من الانخفاضات الكبيرة.
وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال معدلات البطالة في منطقة اليورو مرتفعة بنسبة 11.0٪ في أبريل 2012 (مارس 2012: 11.0٪) وذلك وفقا لمكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي. وتعمل الشركات الأوروبية على تقليص التوظيف وكذلك الإنفاق في الوقت الذي تعصف فيه الأزمة المالية المتنامية بالتوقعات الاقتصادية. وبينما تفادت منطقة اليورو التي تضم 17 دولة الانجراف إلى ركود اقتصادي في الربع الأول، سجلت نسبة البطالة أعلى مستوى لها على الإطلاق في ظل استمرار ضعف الثقة في الاقتصاد منذ عام 2009.
الخاتمة
في الخلاصة أن لم تع نتائج الانتخابات اليونانية في 17 يونيو الجاري نتيجة المشاكل الهيكلية والأساسية في منطقة اليورو. ولذلك، فإن قمة الاتحاد الأوروبي القادمة التي ستعقد في بروكسل نهاية هذا الشهر لا تزال حرجة.
كما إن اجتماع مجموعة الـ 20 في لوس كابوس بالمكسيك هذا الأسبوع سوف يكون مدار التركيز التالي، وسيعمل في المقام الأول على تطوير استجابة منسقة لحالة عدم التأكد الاقتصادية العالمية. وإننا نتوقع أن يكون ذلك بصورة رئيسة في شكل المزيد من التيسير النقدي من جانب البنوك المركزية في مجموعة الـ 20. وفي ظل المخاوف العالمية المتزايدة، يبحث الرئيس الأميركي باراك أوباما عن إشارات أسرع من أوروبا وخاصة ألمانيا والتي سوف تتضمن أزمة الديون الأوروبية وتأثيرها على الاقتصاد الأميركي. ومن بين أعضاء مجموعة الـ 20، تشارك فقط ألمانيا وإيطاليا وفرنسا من الـ 17 دولة التي تمثل منطقة اليورو ووسط الأزمة. ومن المتوقع أن يتطرق الرئيس باراك أيضاً إلى توسيع نطاق عملية تويست (الاستثمار بدرجة أكثر في شراء السندات الأطول عمراً ) بعد برامجها الحالية التي تنتهي هذا الشهر. وقد تم إطلاق البرنامج في سبتمبر 2011 من أجل خفض معدلات الفائدة طويلة الأجل إلى أبعد من ذلك مما يؤدي إلى المزيد من تحفيز الاقتراض والتحول إلى انتعاش اقتصادي أقوى.
ومن المتوقع أيضا أن يتم خفض سعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي ويأتي ذلك على رأس المزيد من التخفيف لظروف السيولة بالنسبة للبنوك في أوروبا. وفي الختام، فإن الخطوات تجاه الاتحاد المصرفي والمالي (كما تريد ألمانيا) تكون ممكنة فقط في حالة حدوث تقدم في تعزيز الاتحاد السياسي في أوروبا. وفي ظل غيابها عن المشهد، تحاول اسبانيا (وغيرها من بلدان اليورو)  أن تتعلم من الأزمة المالية الأسيوية 1998/1999 في سرعة استعادة الأصول المعدومة وإدارة القروض بضمانات الأوراق المالية إلى مساهمي البنوك ثم ضخ رأس المال إلى البنوك فقط.
ونتوقع أيضا أن يوافق أعضاء مجموعة الـ 20 الآخرين على بعض الإجراءات لتحفيز الاقتصاد. ومن المحتمل أيضاً أن يتم الإعلان عن تخفيف القيود النقدية والتحفيز المالي المعتدل للصين كما يتوقع أن تقوم الهند بالإعلان عن السياسة النقدية السهلة وسط ارتفاع معدلات التضخم. كما أنه يتوقع أن تقوم اندونيسيا ذات معدل السياسة الحقيقية الإيجابي بالتخفيف لكن في وجود قيود تفرضها خفض قيمة الروبية

الآن: المحرر الإقتصادي

تعليقات

اكتب تعليقك