قرارات المجلس المقبل قد تتعثر سنوات وسنوات.. الحساوي متوقعاً

زاوية الكتاب

كتب 969 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  الإشكال في عدم تعديل الدستور

د. وائل الحساوي

 

دخلت الكويت موسوعة غينيس مرتين خلال يومين، اليوم الأول عندما أطلقت «جراغيات» (ألعاب نارية) لم تطلقها أي من دول العالم احتفالاً بيوم اقرار الدستور مع أن المسألة لا تتعدى دفع مبالغ كبيرة لشراء تلك الألعاب النارية - واليوم الثاني عندما اجتمع عدد غير مسبوق من الشعب - حسب تعبير جريدة «القبس» - للاحتجاج على انتهاك الدستور.
أليست هذه مفارقة غريبة أن يرى العالم أمامه احتفالات كبيرة بيوم الدستور واحتجاجات كبيرة على انتهاك الدستور؟
دعونا نبتعد قليلاً عن مناقشة «مع» أو «ضد» التي أنهكت قوانا وشتتت أفكارنا، ودعونا لا نتهم الأطراف التي وقفت مع الانتخاب والترشيح أو التي طالبت بالمقاطعة، ولنركز قليلا على أسباب الخلاف الحقيقية:
أولاً: في تصوري أن أهم أسباب الخلاف في هذا الموضوع وفي المواضيع التي سبقته هو أننا تعاملنا مع نصوص الدستور بقدسية مبالغ بها ولم نراع المرونة التي طلبها المشرّع لاسيما في أمور تحتمل الكثير من التفسير والتغيير.
تذكر المذكرة التفسيرية ما يلي:
«ويتجاوب مع هذه المعاني كذلك ما لا يخفى من ضرورة مرور الحياة الدستورية الجديدة، ذات الطابع البرلماني الواضح بل الغالب، بفترة تمرين على الوضع الجديد، يتبين خلالها ما قد يكون في هذا الوضع من توسعة أو تضييق. وهي ان تضمنت بعض التضييق فإن ذلك منطق سنة التطور، وفيه مراعاة لحداثة العهد بهذه المشاركة الشعبية في الحكم وتمهيد لإعادة النظر في الدستور بعد السنوات الخمس الأولى من تطبيقه بنص الفقرة الأخيرة من المادة 174، وبالضوابط المنصوص عليها في تلك المادة. كما يدخل في الاعتبار من هذه الناحية ما عرفت به حكومة الكويت من حرص على مصالح المواطنين، وتجاوب مع اتجاهات الرأي العام وأحاسيسه».
فلم تتم مراجعة النصوص الدستورية وتعديلها بما يتلاءم مع حاجاتنا المتجددة، فالحكومة حاولت وأد الدستور مرات عدة بينما مجلس الأمة تصرف مع نصوص الدستور بروح التحدي والقفز على الأعراف السائدة في برلمانات العالم واحتدم الصراع على نظام الدوائر وصلاحيات المجلس وغيرها.
ثانياً: فعلى سبيل المثال لو أن الدستور كان يسمح بإعداد استفتاء شعبي على مواده أو على بعض القوانين لاسيما في المواقف التي تشكل حاجزاً نفسياً بين الحكومة والمجلس مثل حالة تغيير الدوائر التي لا يرضى المجلس بتغييرها لئلا تُسحب صلاحياته، بينما السلطة ترى وجوب تغييرها بعد أن تبين فسادها، لو كان ممكناً استفتاء الشعب على ذلك لما وقعنا في مثل تلك الإشكالية التي نعيشها اليوم.
قد يقول قائل إن السلطة تستطيع تقديم مقترح تغيير الدوائر من خلال المجلس، ولكن الواقع ينفي إمكانية التوافق على هذا التغيير لأنه يضر بطرف من الأطراف!
ثالثاً: كذلك فإن هنالك فراغا تشريعيا كبيرا لم يقم المجلس خلال ذلك التاريخ الطويل بمناقشته وحله مثل قوانين الذمة المالية التي تسبب القصور في تشريعها في إفلات عشرات ممن أطلق عليهم اسم «القبيضة» من العقاب، وكذلك حل إشكالية اختيار الوزراء دون موافقة المجلس وإشكالية التمادي في تقديم الاستجوابات دون مبرر والأسئلة البرلمانية وغيرها.
في تصوري أن المطلوب هو لقاء تشاوري مشترك للاتفاق على المرحلة المقبلة دون انتظار قرارات المجلس المقبل التي قد تتعثر سنوات وسنوات.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك