نهب البلد وبعثرة مدخراته تدل على أن السلطة تعتبر الوضع مؤقتاً

زاوية الكتاب

الرشيد يطالب قوى المعارضة بوضع خطة لإنقاذ البلد لا أن نتركها لمن تمسك بخيار الإنهيار

كتب 2861 مشاهدات 0


قد يعتقد البعض بأني أبالغ و قد يعتقد البعض بأني أهول بالحقيقة وأضخمها وقد يعتقد البعض بأني أريد أن أتكسب سياسيا في ظل هذه الأوضاع البائسة وقد يقتنع البعض بما سأوجزه .

في حقيقة الأمر أنا لست بضارب ودع ولا بمنجم و لكني أستطيع أن أقرأ الماضي و أعجنه بالحاضر لكي أستشف منه المستقبل ، فمستقبلنا بكل وضوح وصراحة غامض جدا و سوداوي و ينبئ بخطر عظيم على الكويت وعلى أهلها فالسياسيات التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة من بعد الغزو العراقي للكويت كلها مع الأسف سياسات تنم و بشكل واضح لا لبس فيه بأن هناك شعور حقيقي بعدم الاستقرار و أن من المحال أن يستمر الحال على ما هو عليه لذلك اتبعت سياسات في غاية الخطورة على مستقبلنا ، أنا شخصيا كثيرا ما رددت مثال على مسامع العديدين و هو أن أي إنسان لديه بيتا يُحافظ عليه و يعمل له صيانة وفي حال ما إذا حدث عطب في مكان ما يُحاول إصلاحه لأن ذلك منزلك و مستقر به وكما يقال هو قبر الدنيا أما إذا كنت ساكن في منزل إيجار و تعرف بأنك ستغادره بعد أسبوع أو في آخر الشهر فمن الطبيعي أن لا تهتم بإصلاح العطب إن لم يكن ضروريا ، هذا هو حالنا بكل صراحة هناك شعور قوي بعدم الاستقرار وهذا الشعور يتأكد يوما بعد يوم  لذلك لا مجال لإصلاح أي عطب و هذا ما تؤكده الوقائع والأحداث التي نعيشها يوميا في ظل سياسات لا مغزى لها سوى شعور عدم الاستقرار ، وما يؤكد ذلك هو وصول عدة إشارات من الخارج والداخل خلال الفترة الماضية يجب علينا الانتباه لها الإشارة الأولى هو تصريح السفيرة الأمريكية السابقة بالكويت التي صرحت بأن الكويت ستختفي عام 2020 نتيجة للنهب المنظم و الإشارة الثانية هي صدور كتاب في لندن للكاتب الدكتور كريستفر ديفدسون و القى محاضرة مهمة مؤخرا تحدث بها عن انهيار الأسر الحاكمة لدولة الخليج وتوقع لهذا الانهيار من سنتين إلى خمس سنوات و بلا شك كاتب بهذا الحجم لا يمكن أن يدعي كذبا بكتابه وإنما يستند على حقائق و سياسات و مواقف و هي الفترة التي توقعتها السفيرة الأمريكية بالكويت و إن تفاوتت بعض الشيء والإشارة الثالث هي إعلان أمريكا بأنها سوف تكتفي ذاتيا من النفط في عام 2017 وهو إعلان خطير وسيؤثر مباشرة علينا كدولة مصدر دخلها الوحيد النفط ، و أنا شخصيا أقرأ هذا الإعلان سياسيا بأن يا دول الخليج إن لم تتطورا فإننا سنرفع عنكم الحماية والدعم خصوصا وإن رجعنا لتصريح وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليسا رايس الذي قالت به بصريح العبارة وهذا نشر في الواشنطن بوست في عام2004 بأننا قادمون للمنطقة للتغير و حتى حلفائنا عليهم أن يتغيروا  وهذا ما حصل لأهم حلفائهم بن على و حسني مبارك و على عبدا لله صالح ، إذن نحن أمام سياسة دولية يتوقع أن ترفع الغطاء عن بقية الأنظمة العربية المتبقية وهذا ما فهمه البعض وطور من نفسه مثل ملك المغرب الذي استطاع أن يتكيف مع هذه المطالب سواء كانت دولية أو محلية ،و داخليا فكل يوم تتعقد به الأمور أكثر من السابق فاستحقاق التغير بدأ يفرض نفسه على الساحة المحلية ومخطئ من يعتقد بأن هذا الاستحقاق خلقته القوى السياسية أو التيارات و إنما من خلق هذا الاستحقاق هم الشباب الجيل الذي لا ينتمي إلى أي من التيارات السياسية و للتاريخ أقول الشباب هم من جر ورائه التيارات السياسية عندما رفع سقف مطالبه بشكل واضح عندما طالبوا بحكومة منتخبة لذلك ومع تلك التطورات الداخلية و انفجار الربيع العربي أعطى الحراك الداخلي بُعداً  لم يكن مسبوقا خصوصا عندما سقط بن علي وحسني مبارك بشكل سريع غير متوقع فتم اكتشاف سهولة تحقيق ذلك ، فكل تلك المؤشرات فرضت واقعا جديدا لم يترك باب الخيارات المتعددة ليتم الانتقاء منها ما يناسب الوضع و التطورات على الأرض ، فمع الأسف الشديد المؤكد بأن الخيار الذي تم اعتماد و عُمل بموجبه لم يكن خيار تطوير الوضع الحالي ، وإنما الخيار هو مواجهة هذا الاستحقاق و هنا الطامة الكبرى و الخطأ الاستراتيجي الذي لا عودة للتاريخ بعد اعتماده والأخذ به ، لذلك و نتيجة لكل هذه المعطيات التي سبق و أن حذرنا منها و تحدثنا بها وعقدت من أجلها الكثير من الندوات و كتبت الكتابات فأننا بلا شك سنصل لمرحلة الانهيار لا بل نحن الآن في بداياتها وعلى ذلك ونتيجة لعدم قدرة المعنيين بتفهم هذا الواقع و بما أنهم اختاروا خيار الانهيار ، لذلك من حقنا كشعب لا يملك إلا الأرض التي تربى وعاش بها اهلنا منذ أكثر من ثلاثة قرون أن نوحد جهودنا كقوى معارضة اصلاحية ونوحد خطابنا ونضع للبلد خارطة طريق هي عبرة عن خطة خطة انقاذ وطني تعنى بكل تفاصيل ومناحي الحياة بالكويت ، خاصة وأن لدينا سابقة تاريخية لن ننساها ولن نسمح للظروف أن تكررها مرة أخرى وهذا من حقنا لمواجهة من قام باختيار خيار المواجهة و ليس التكيف مع الواقع واستحقاقاته .

قد يفسر البعض هذا الرأي بالرأي المتشائم او المتطرف لكني أقول له هذا الرأي استشرافي كما ذكرت قرأ الماضي وعجنه بالحاضر وربط به أحداث وتغيرات واستشرف من هذه العجينة المستقبل ، والأمم الحية هي التي ترسم مستقبلها وحكوماتنا ليس لديها هذه الرؤية فاختارت أقصر الطرق وأسهلها بنظرها وفاقد الشيء لايعطيه وهذا ما يفسر لنا كل هذا التبذير غير المبرر والعبث الكبير في مدخراتنا على شكل مشاريع وهمية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .

بقلم - أنور الرشيد

تعليقات

اكتب تعليقك