إنها قضية مستقبل الكويت

محليات وبرلمان

ليست قضية صوت أو أربعة، بل وقف إلغاء الدولة بالعودة للمشيخة والحكم الفردي

5393 مشاهدات 0


رأينا

 تصل الكويت غدا وبعد غد إلى مفترق طرق يحدد مسقبلها ومصير الديمقراطية والدستور فيها، فموقف المواطن بمقاطعة الانتخابات بعد غد ليس موقفا ضد الصوت الواحد بدلا من أربعة أصوات وحسب، بل هو موقف للدفاع عن مستقبل الكويت ودستورها، وما مسألة الصوت الواحد إلا القشة التي قصمت ظهر الدستور والانفراد بالتشريع من خارجه، ودخول نحو مرحلة من الانفراد بالحكم والحكومة والتشريع بالبلاد، حتى وإن جاءوا ببرلمان غير شرعي يوم السبت القادم، فإنما هم يأتون بما سيعمل على شرعنة الانفراد بالحكم والعودة للمشيخة التي لا تريد المساءلة ولا تتقبل المحاسبة من أي نوع، إنها عقلية تريد الاستفراد بكل شيء: الحكم والحكومة والتشريع والمال وما الشعب إلا رعايا نعطيهم الهبات ونتصدق عليهم بالمكرمات ومن لا يعجبه ذلك فليأت معنا ليحتفل بالدستور شكلا ويشاركنا حفل المفرقعات الخرافي الذي احتفل بالدستور شكلا مع استمرار انتهاكه وخرقه مضمونا، ومن يعترض، فسنرسل له قوات الشغب ليقمعوه، ثم يكون السجن المركزي مصيره والتهمة جاهزة: أمن دولة-التعدي على الذات الأميرية.

 إن ما يجري بالكويت اليوم مرحلة حاسمة في تاريخها، وهي صراع بين جيلين وبين عقليتين، جيل يتطلع للمستقبل، وجيل يريدالعودة للوراء بحكم الفرد والمشيخة، وبين عقلية تريد المشاركة باتخاذ القرار بالبلاد وبين عقلية ترى أنها تحكم الأرض وتملكها بمن عليها وما داخل جوفها من خيرات. هذا هو جوهر الصراع فيما يجري بالكويت اليوم، أما الباقي فلا يعدو كونه تفاصيل من تداعيات جوهر هذا الصراع، فاستقالة الحكومات والمجالس والعودة لنفس الحكومات وطريقة تشكيل الوزارات ومركزية القرارات والقضاء على مؤسسة مجلس الوزراء كلها ظواهر للحكم الفردي واستفراد عائلة الحكم بمصير البلد، وما مسألة مرسوم الصوت الواحد الغير دستوري إلا مظهر واحد من مظاهر هذا الاستفراد- لا أكثر ولا أقل.

 إن الشعب الكويتي –وخصوصا الشباب منه- يعون ويدركون طبيعة هذا الصراع، كما يدركون بأن العقلية التي تريد الاستحواذ على الحكم والثروة، هي عقلية تسير عكس اتجاه التغيير وتناطح حركة التاريخ وإرادة شعبها، وهي عقلية لا يمكن أن تنتصر وتفوز لأنها في منازلة مع إرادة الشعب وتطلعات قواه الشبابية الصاعدة، وهي قوى تدرك أن البلاد تسير نحو الانهيار والتصفية والتفليسة المالية والديمقراطية -إن سادت عقلية الانفراد بالسلطة، فهذه العقلية تريد مجلسا'صوريا' يعمل على تمرير كل ما ترغب به من تعديل للدستور يكرس حكم الفرد، ويضمن نهب البلد من قبل فئات محددة ومجموعة من الأفراد محدودي العدد.

 إن الخروج بمظاهرة الغد يتجاوز مسألة الصوت الواحد، وهي تعبير عن الاحتجاج السلمي المطلوب لرفض نهج الملاحقة والانهيار والانفراد بالسلطة والمال، وتتمثل في مظاهر مشينة نذكر منها بعض الأمثلة لا الحصر:

*في ظل عقلية الانفراد بالسلطة ونهج الملاحقة، ضرب الشعب وانتهكت حرمة بيوته، وسحل أكاديميوه، وسجن كتابه ومحاموه، ولفقت التهم لنوابه المعارضين، واحتجز مغردوه، وأهين ناشطوه، واصبحت تهمة التعدي على الذات الأميرية تهمة من لا تهمة له، ومن لا يعجب السلطة رأيه تلوى كلماته، وتعصر عباراته، ويتنطع جهاز أمن الدولة باختلاق التفاسير لتلفيق التعدي على الذات الأميرية، وهي ممارسات لا توجد إلا بدول الحكم الفردي وغياب الحريات والديمقراطية. وفي المقابل، يصول لصوص المال العام ويجولون، ويسرح القبيضة ويمرحون، ويتقدم الصفوف الأمامية سقط القوم، ويتراجع الشرفاء، ويتوارى الفضلاء، وتسود أجواء من النفاق الإعلامي والتطبيل السلطوي الذي يرافق مظاهر الدكتاتوريات ودول الحكم الفردي. وتعيش السلطة بعزلة بعيدا عن مجاميع الشعب العادية محاطة بمجاميع من أهل النفاق والمطبلين ممن يشوهون الحقائق ويحملون الضغائن في نفوسهم ضد الناس. 

*محاولات دؤوبة لإقحام القضاء في معارك السلطة السياسية مع الناس، وإدخال القضاء النزيه في معارك يفترض أن ينزّه للقضاء من إقحامه فيها لأنها سياسية محضة.

 * وقع نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود قبل أيام على اتفاقية أمنية خليجية كانت مرفوضة مدة ربع قرن لتعارضها مع مباديء الدستور الكويتي، ثم عرض الاتفاقية على مجلس الوزراء بعد توقيعها بما لا يترك مجالا للشك بأن مجلس الوزراء مجلس صوري تماما مثلما مجالس وبرلمانات الدول التي يسود فيها الحكم الفردي، فكيف له أن يطلع مجلس الوزراء على اتفاقية بهذه الأهمية قبل مناقشتها به وحصوله على مباركة المجلس؟ http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=126210&cid=47 وباستهتار وفوقية تعكس العقلية الفردية والنظرة الدونية للشعب، رفض وزير الداخلية الإفصاح عن مضمون اتفاقية أمنية تردد السلطة أنها لمصلحة الشعب وأمنه، فأي أمن باتفاقية أمنية لا يعرف المواطن نصوصها كي يحترم بنودها ويطبقها؟

*أسقطت الحكومة أموالا تقدر بمئات الملايين من الدنانير (لا أحد يعرف قيمتها بالضبط) من المال العام بحكم قضائي دولي لصالح الخطوط الجوية الكويتية على الخطوط الجوية العراقية، وقد تم هذا الإسقاط بتوجيهات وتعليمات انفرادية للسلطة لا تملك حقها في ضوء الدستور ولا تملك التصرف بالمال العام دون موافقة الشعب عبر مجلس الامة، لكن غياب مجلس الأمة والتصرف خارج الدستور هو الذي دفعها لمثل هذا التصرف الغير شرعي.

 *كما أعلنت الحكومة تنازلها عن بقية تعويضات الغزو العراقي للكويت والتي تصل إلى 17 مليار دولار أمريكي أو أكثر، وقالت أنها توافق على التنازل عنها بمشاريع مشتركة لم تستشر فيها الشعب ولم تفصل بشفافية كيفية صرف تلك الأموال، وهو ما يعكس اتخاذ القرارات الفردية التي ترى الدولة وما عليها من أموال وثروات ملك لها وحدها تملك حرية التصرف فيها كما تشاء.

*وقعت السلطة على مشاريع بمئات الملايين من الدنانير كمشروع جسر جابر ومشاريع إسكانية غير معروفة التفاصيل ستوزع على شكل شركات مساهمة للمواطنين والشركات دون ضوابط تضمن عدم استحواذ هذه الشركات على حصة المواطنين وبالتالي استحواذها على هذه المشاريع الهائلة.

 *توزع السلطة الهبات والعطايا على دول لا يرجى منها موقف دولي داعم للكويت، ولا جدوى اقتصادية من وراء هذه العطايا التي تسحب من المال العام وهيئة الاستثمار، ومثل تلك العطايا لدول مثل كوبا التي يحكمها دكتاتور مريض وقف ضد الكويت أيام محنتها ولا يرجى منه الوقوف معها مستقبلا لو تكررت كارثة الغزو-لا سمح الله http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=106202&cid=43

* بلغت انهيار إدارات الدولة وانتشار الفساد والمحسوبية فيها حالة غير مسبوقة، فالمريض الكويتي يلجأ للمستشفيات الخاصة لانعدام العناية الصحية اللائقة التي وجهت عمدا للوافدين، ودفعت بالمواطن ضحية لجشع بعضها وسط أسعار نارية للأدوية التي لا توجد لدى الدولة لكنها متوفرة في صيدليات تفرض أسعار الأدوية كما تشاء بلا رحمة أو مراعاة إنسانية بجشع لا يحده قانون ولا يضبطه مسئول.

* تتزايد أسعار السلع الاستهلاكية بلا ضبط أو ربط، وتذهب زيادات و'هبات' الدولة في جيوب تجار الجشع والاحتكار بما يثقل كاهل المواطن العادي بمصاريف لا قدرة له على تحملها. كما بلغت حالة التسيب الإدراي وغياب الضبط والربط أن يبحث الواحد عن الواسطة أو من يعرف الموظف- وليس المسئول-لتمرير معاملات ورقية عادية يدور المواطن لإنجازها أياما وربما أسابيع وأشهر بعدما صرفت الملايين على مشاريع الحكومات الالكترونية والبطاقات الذكية ومؤتمرات تحويل الكويت لمركز مالي عالمي صرفت عليها الثروات دون طائل.

 * ويعاني الشباب الكويتي من فقدان فرص التعليم في بلادهم ويضطرون للهجرة المؤقتة بحثا عن فرص تعليم جيد، ليعودوا بعدها مصطدمين بروتين التخلف والانهيار الإداري الذي يبدأ منذ اليوم الأول لعودتهم، حيث يستغرق اعتماد شهادات من ابتعثتهم الدولة شهورا طويلة، فما بالك بفرصته بالعمل والسكن والعيش الكريم.

 * وتشكل الاختناقات المرورية عائقا أمام خروج الكويتي من منزله، ولم تعد مسألة تطاق حيث تشل الحركة ليستغرق التنقل بالسيارة لبضع كيلومترات بمعدل ساعة، في بلد يسوّق له أن يكون مركزا 'ماليا عالميا'، وهي اختناقات ما كان لها أن تكون لولا الفساد والرشاوى للحصول على رخص القيادة ودخول السيارات للشوارع دون نسبة وتناسب تراعي الطاقة الاستيعابية للشوارع مقارنة مع أعداد السيارات.

 *يجري التحضير لنهب منظم لأراضي البلاد، وهي الثروة الوطنية التي عدها تقرير توني بلير أهم مصدر لدى الدولة بعد النفط (http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=120403&cid=30 *لم تتم محاسبة أي مسئول عن أي مشروع فاسد سواء بانفجار محطة مشرف، أو بفضيحة طواريء الكهرباء 2007 http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=7414&cid=43 أو استاد جابر، http://www.alaan.cc/beta/pagedetails.asp?nid=100586&cid=43 بينما يتم تلفيق التهم للمواطنين باستمرار بذريعة التعدي على الذات الأميرية وبشعار تطبيق القانون'على الجميع'.

 هذه بعض امثلة عن تدهور الحالة العامة لإدارة البلاد، وفشل السلطة وعقلية الانفراد بالقرار، وما الصوت الواحد وتشريعه خارج البرلمان إلا واحد من أمثلة لا حصر لها على نهج الانفراد بالسلطة الذي يجب أن يتوقف ويخضع لإرادة الشعب.

 يدرك الشعب الكويتي بأنه كان سباقا في المطالبة بالإصلاح قبل أن يندلع الربيع العربي، وهو اليوم يؤمن أن لا عودة للوراء في أحقية ومشروعية مطالبه، وإعلانه المدوي لأسرة الحكم: لكم الحكم، ولنا الحكومة، فلقد فشلتم فشلا ذريعا في إدارة البلاد، وحان الوقت لتطبيق المادتين الرابعة والسادسة بحذافيرهما قبل أن تتم تصفية البلاد، والدخول بها في مجاهل الحكم الفردي الذي لن يقبل به الشعب، ولذلك فقد قررت فعاليات وقوى الشعب وحراكه الخروج غدا في مسيرة يتوقع المراقبون أن تكون الأكبر في تاريخ الشعوب (نسبة وتناسبا)، كما قرر الشعب عبر قواه الحية والفاعلة مقاطعة الانتخابات الغير شرعية بعد غد السبت التي تهدف للإتيان بمجلس غير شرعي يعزز الحكم الفردي، وينقح الدستور بما يضمن نهب البلد وتصفيته، وهو ما لن يقبل به الكويتيون أبدا.

رأينا

رأينا

تعليقات

اكتب تعليقك