ماذا لحق بالضمير العام؟.. سؤال يطرحه ويجيب عنه المشاري

زاوية الكتاب

كتب 499 مشاهدات 0


الشاهد

ماذا لحق بالضمير العام؟

عبد المحسن المشاري

 

مصر أم الدنيا وأم العجائب أيضا، بقدر تطرفها في جمال الروح وعراقة شعبها وابداعه وطيبته وعبقريته بقدر تطرف تاريخ حكامها في الفساد في كل العصور تقريبا والتناقض صارخ عبر التاريخ المصري بطوله بين ترف الحكام ولصوصيتهم وبين فقر الشعب المدقع بدءا من عصر بناة الاهرامات ووصولا الى عصر احمد عز والأمثلة لا تحصى قديما وحديثا فمن القديم ان كنوز كليوباترا ملكة مصر البطلمية مازالت تثير خيال الناس عبر القرون، بينما أكل الشعب في عهدها الكلاب من هول المجاعات ويقال في بعض الروايات ان القائد الروماني اوكتافيوس كان يريد القبض على كيلوباترا حية بعد ان هزم جيشه الجيش المصري في موقعة اكتيوم البحرية لأنه كان يريد ان يغنم كنوزها لينفق منها على جيش الامبراطورية الرومانية، وحديثا يذكر انه لما تزوج الملك فاروق من زوجته الثانية ناريمان صادق فقد امضيا شهر العسل في اوروبا والذي امتد سبعين يوما بمعدل انفاق يومي قدرته جريدة التيمز برقم فلكي وقتها وهو مئة الف جنيه استرليني يوميا بينما كان نصف شعبه من الحفاة وقل ما شئت عن سهر الملك الدائم في نوادي القمار والملك فاروق نفسه صرخ مرة في وجه النحاس باشا يوما »هل تعرف ان غالبية وزرائك لصوص« حسبما نقل السفير البريطاني بمصر في اخريات العهد الملكي »رالف ستيفنون« ولم يعقب النحاس باشا بكلمة ردا على اهانة الملك له ولوزرائه، فقدت مصر بتقدير جهات دولية في زمن مبارك مئة وثلاثة واربعين مليار دولار وكان النهب تكرارا لنهب زمن السادات فقد هرب في عهده ما يقدر بمئة مليار دولار فيما سمي النهب الثاني في العصر الحديث، كان النهب الاول زمن الخديوي اسماعيل هذا موجع ولاشك ولكن تعويض الخسائر المالية ليس امرا مستحيلا في حياة الشعوب فقد تحولت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك المانيا الى حالة من الخراب الشامل ولكنهما سرعان ما نهضتا ولم تمر عشرون عاما على انتهاء الحرب حتى كانت كل منهما قوة اقتصادية عالمية معضلتنا الكبرى لا تكمن فيما فقدنا من المال نهبا وتهريبا بل تكمن المعضلة فيما لحق بالضمير العام من تشوهات طالت كل الفئات تقريبا من العاملات في البيوت الى اعلى طبقات المجتمع اجتماعيا واقتصاديا بل امتد غياب الثقة فقد ضاعت قيمة الاخلاص في العمل والاتقان بشكل مفزع واستشرت روح الفهلوة والرغبة في الكسب السريع دون عناء وهي روح لابد لعلماء النفس من قراءتها جيدا ومحاولة علاجها علاجا جديدا دون مواربة ولا خجل، النكبة الكبرى والتحدي الاكبر يكمنان في ضمير وطني جرى مسخه وتشويهه بحيث صارت مرونة الضمير وتسويفه فالبعض يمارس النهب واكل السحت ويصوم ويصلي ويحج البيت دون ادنى شعور بوخز الضمير، كلمات قرأتها وكتبتها باختصار للمستشار فؤاد راشد.

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك