هوس شراء الماركات 'الثقة والنقص'

الاقتصاد الآن

أثرياء يعيشون حياتهم ببساطة، ومتشبهون غارقون بالديون

3244 مشاهدات 0


يردد دائما على مسامعنا أن مجتمعاتنا أصبحت مادية وإستهلاكية ضعفت فيه القيم المعنوية أمام زحف المادة يبدوا الحديث عاديا وكلام نسمعه بكثرة في التلفاز، ولكن هذا الحديث أضحى حقيقة أكثر منه مجرد كلام يقال، فقد بينت الدراسات النفسية والسلوكية الحديثة أن 'هوس الماركات ' كما درج على إصطلاحه هو أكثر من مجرد إضطراب سلوكي أو تعبير عن مستوى معيشي معين بل أصبح ثقافة و قيمة  إجتماعية ويتم تلقينها بطريقة لا شعورية لأطفال و شبابنا من خلال تصرفاتنا فأولادنا مرآة لنا.
 
وقد بدأ إنتشار هذه الظاهرة بشكل واسع في القرن الحادي و العشرين مع إنتشار وسائل الاتصالات من خلال الإنترنت والهواتف ذكية و الفضائيات وحتى شبكات التواصل الإجتماعي بجانب الوفرة المادية مما جعل إنتشار ثقافة “الماركة” كالنار في الهشيم لاسيما المقلد بدقة منها في متناول الجميع نتيجة للتطور الصناعي الكبير.
 
في المعدل هناك من يهوى أنواع معينة من الماركات نتيجة لسهولة أستخدامها أو جودة منتجاتها وحتى لأسعارها بحيث لا يشتري أي منتج إلا من هذه الماركة وهذا أمر طبيعي و يتكرر كثيرا من ماركة الحليب المفضلة إلى نوع السيارات المستخدمة فهذه الماركة تتناسب مع إحتياجاته و مقدرته و لأنهم اختبروا أداءها وجودتها على المدى الطويل، وبالتالي من الطبيعي أن يدينوا لها بالولاء.
 
أما “إدمان الماركات” فهو ذلك الشخص الذي يشتري أي ماركة بغض النظر عن نوعها فقط لأنها رائجة أو لأن فئة معينة ممن يقتنيها يتم تصنيفهم أعلى من الفئات الاخرى فيكون هذا الشخص مدفوعا للتظاهر بكونه من هذه الفئة ليعوض عن نقص الثقة في شخصيته و حالات عدم الامان العاطفي في تركيبته النفسية .
 
فالكثير يحاول التشبه بالأثرياء الذين يعيشون بمستوى إقتصادي مرتفع فمن الطبيعي أن يركب سيارة لا تجد منها إلا العشرات في شوارعنا أو يشتري تلك الساعة أو ذلك العطر بمبلغ أسطوري و المفارقة أن العديد من الأثرياء أصحاب الملايين لا وبل أحيانا المليارات يعيشون حياتهم ببساطة شديدة كأي شخص متوسط الدخل مما يدل على شخصية ذات ثقة عالية ولا تحتاج للفت إنتباه الأخرين ومن أصدق الأمثلة على ذلك الملياردير بيل غيتس صاحب العملاق شركة مايكروسوفت .
 
أما الذين يعانون من حالات النقص في الثقة بالنفس فيحاول تعويض هذا النقص بالتظاهر بما هم ليس عليه من خلال إقتناء الماركات كما ذكرنا بغض النظر عن نوعها فقط لأنها ماركة سيرا عى القاعدة الشعبية “أنا أشتري ماركة إذا أنا موجود” فيعيشون في مستوى يفوق إمكانيات دخلهم مما يضطرهم للاستدانة أو دفع أقساط باهظة لتمويل هذا الادمان و أحيانا ليتطور للحصول على المال بأي طريقة حتى لو غير مشروعة كالنصب و الإختلاس و الإحتيال .
 
كما أن الولاء لا يكون للماركة الأصلية فقط، إنما قد يكون للمقلدة أيضا، فعندما يشعر الشخص أنه قليل الحيلة في مجتمع مادي لا يقيم الآخرين إلا من خلال الماركة الباهظة الثمن يلجأ إلى الحل البديل المشروع وهو البحث عن الماركة المقلدة، ويدين لها بالولاء أيضا لأنها تساعده على العيش في طبقة أعلى من مستواه ولو من باب التظاهر الزائف.


 

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك