فكرة المخاصمة لا تتعارض ولا تنال من هيبة القضاء.. برأي خالد طعمة

زاوية الكتاب

كتب 734 مشاهدات 0


الراي

الكلام المقتضب  /  المشروع الكويتي لمخاصمة القاضي والقانون المصري

خالد طعمة

 

قد عرفت الكويت منذ نشأتها فكرة القضاء، فقد كان القضاء قديما يعهد من قبل أمير الكويت إلى قاض شرعي، وتطور مع مرور السنين من ممارسته في بيت القاضي وصولاً إلى كشك الشيخ مبارك الكبير الذي اتخذ منه مقراً لممارسة القضاء في فترة من الفترات، وفي عام 1938 طالب أهل الكويت بإدخال إصلاحاتٍ على النظام القضائي بأن يكون هنالك قانون خاص بالقضاء مستمد من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء والعرف، وهو الأمر الذي تَّمَ واستحدث بعدها القضاء على مراحل بأن تحول إلى محاكم ودرجات، ووصف أهل التاريخ والقانون بأن هذه المطالبات هي من ضمن إصلاح القضاء وعليه فإنها ليست سبةً أو عيباً يوصّم به القضاء الكويتي إنما واجب شرعي قبل أن يكون دستورياً وقانونياً.
ووفقاً لدستورنا الحالي الذي سار على نفس الهوية المتبعة في الوثائق الدستورية الكويتية السالفة، فإن الشريعة الإسلامية تعد مصدراً رئيسياً للتشريع وبالتالي فإنه إعمالا لها يكون القاضي ضامناً إذا أخطأ مهما كان نوع الخطأ مادياً أو غير مادي والذي يعوض من بيت مال المسلمين، ومن جانب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صدقت عليها الكويت مثل العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1996 واتفاقية الأمم المتحدة في عام 2006 فإن الكويت ملزمة بتطبيق مفهوم مخاصمة القضاء.
إن فكرة المخاصمة لا تتعارض ولا تنال من هيبة القضاء بل تتفق وتكمل ما جاء في المادة (227) من القانون المدني الكويتي بأن كل خطأ يسبب ضرراً للغير يُلزم محدثه بتعويض المتضرر، وتعتبر دعامة وضماناً للفرد العادي من نيل حقوقه على نطاق أوسع ولعدم توجيه النقد للقضاء الكويتي أو محاولة النيل من سمعته.
في مارس الماضي تقدم خمسة من نواب مجلس الأمة بمقترح يمكن من خلاله تطبيق هذه الفكرة وجعلها واقعاً ملموساً وجاءت صياغة المقترح متوائمة مع المشرع المصري إلا أن هنالك بعض الاختلافات المقيدة، ففي البند الأول قرن الغش أو التدليس أو الغدر أو الخطأ المهني الجسيم بأن يكون إذعاناً لتأثيرات غير مشروعة أو تعسفاً أو أي عمل يجرمه القانون في مشروع النواب على نقيض القانون المصري الذي ترك الأمر مفتوحاً وغير محصور لكي يميزه القاضي، فلو دققنا على عملية الربط والأفعال لاكتشفنا بأن هذه الأفعال لو صدرت من غير الإذعان فإنها لن تكون عرضةً للمساءلة وبالتالي فإن المشروع فيه عيب بتقييد نطاق المسؤولية والتي قد يكون القصد منها المحافظة على القضاء من كثرة الدعاوى والدليل بأنهم تبنوا في ذات المقترح بأن يقوم المدعي بعمل تقرير مفصل للمخاصمة مع عدم تمكنه من إضافة أي أسباب جديدة إلا إذا كانت من قبيل النظام العام، وهنا لا بد من وقفة مفادها بأن المخاصمة وضعت بالأساس كحق للفرد العادي الذي يريد أن يجبر ضرره الخاص والذي قد لا يرتبط بالضرورة مع العام فكيف تتحقق الضمانة في ظل هذا المقترح؟ 
أخشى بأن يمرر مثل هذا المشروع المقدم من الأخوة النواب من غير التعديل عليه، نظراً لتشدده في قبول الدعوى وفي إثباتها على الرغم من التشابه الشديد إلا أن الإضافات فرقت بين المشروع الكويتي والقانون المصري حتى تحولت فكرة المخاصمة من تمكين للفرد لجبر ضرره إلى خلق نوع من الرهبة والتردد يثنيه عن إقامتها. والله المستعان.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك