الحوار والجدل!! حدود فاصلة!!

زاوية الكتاب

كتب 4477 مشاهدات 0


إن الدافع الرئيسي وراء كتابة هذه السطور المتواضعة هو السعي لتوضيح الأسس والقواعد العامة للحوار الهادف والمثمر, ومحاولة منا لكشف بعض الفروقات الجوهرية بين ' الحوار' و ' الجدل ' , فالكثير قد يخلط بينهما, وحقيقة أن كلاهما يلتقيان في أنهما حديث أو مناقشة بين شخصين, ولكنهما يفترقان بعد ذلك, فالجدل يشير إلى اللدد في الخصومة أو التعصب والتمسك بالرأي. أما الحوار فيشير إلى تبادل الكلام بين طرفين, وهذا الكلام يتضمن معلومات أو أفكار أو ما شابه ذلك, دون أن يكون بينهما ما يدل على التعصب أو الخصومة.
         قال الشاعر:     دع الجدال ولا تحفل به أبدا    ....     فإنه سبب للبغض ما وُجِدَا.
وللحوار آداب ومهارات كثيرة يجب على المحاور أن يُــلم بها, فهي الطريق الأوحد لتجنب الجدال, ولا نستطيع سرد بعض من هذه الآداب دون أن نتوقف عند سيرة النبي –صلى الله عليه وسلم-  فهي مليئة بالدروس والحكم والشواهد, فقد كان رمزاً للمحاور المتميز, وقد جاء عنه أنه قال: (( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ))        (( الكلمة الطيبة صدقة ))  متفق عليه.
ومن أهم آداب الحوار ' النية والإخلاص في طلب الحق ' فالمحاور الصادق ينشد الحقيقة ويبحث عنها سواء كانت على يده أو يد غيره, فالحكمة ضالته.  قال النبي عليه الصلاة والسلام) ( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها( ).
أيضاً من أهم مهارات الحوار التي تكاد تكون معدومة في بعض مجتمعاتنا العربية, هي مهارة الإستماع والإصغاء, فإنه من المستحيل أن نفهم مراد من يحاورنا إلا إذا أصغينا إلى حديثة دون مقاطعة حتى ينتهي, فالبعض منا عندما يحاوره أحد أصدقاءه أو زملاءه عن موضوع ما وهو يعرفه ويعلمه يقاطعه ولا يصغي له بحجة معرفته  بالموضوع وهذا من الأخطاء الشائعة, فإن معرفتك بحديث المتكلم لا تغنيك عن الاستماع له.
ويجب أن تعلم أخي القارئ أن أكثر ما يثير غضب وضجر الناس هو مقاطعتهم أثناء حديثهم, لذا يجب أن تتحلى  وتلتزم بهذه المهارة.  قال أبو الدرداء: (( إن الله خلق لي أذنين ولساناً واحداً كي أسمع أكثر مما أقول )).
ويقول المؤلف الأمريكي ومطور الدروس الشهيرة في فنون الخطابة ' دايل كارنيجي' : ' إذا كنت تريد أن ينفض الناس من حولك ويسخروا منك حينما توليهم ظهرك فهاك الوصفة... لا تعط أحداً فرصة للحديث...  تكلم بغير انقطاع... وإذا خطرت لك فكرة بينما غيرك يتحدث فلا تنتظر حتى يتم حديثه فهو ليس ذكياً مثلك... فلم تضيع وقتك في الاستماع إلى حديثه السخيف؟ اقتحم عليه الحديث, واعترض في منتصف كلامه '.
وكثير من الناس في أيامنا هذه من يهوى ويعشق الحديث والكلام في أي موضوع وأي قضية سواء كان يعلمها أو يجهلها, والأسوأ من ذلك عندما يستأثر بالحديث دون توقف اعتقاداً منه أن سكوت من أمامه إنما هو إعجاب وتقدير وموافقة لحديثه, وهذا الصنف من الناس يفتقر لمهارة الاستماع وكثيراً ما تراه يقتحم حديث الآخرين.    قال الشيخ_عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله (( إياك أن تتصدى في مجالسك مع الناس للترؤس عليهم وأنت لست برئيس، وأن تكون ثرثاراً متصدراً بكل كلام)).
وأخيراً يتعين على المحاور أن يبتعد كل البُعد عن العصبية والتعصب للرأي, فالمتعصب  منهجه عقيم وقائم على فكرة  (( إن لم تكن معي فأنت ضدي )) ولا يحترم آراء الآخرين ويتجاهلها ويكثر من مقاطعة محاوريه, ولا يدرك أن منهجه هذا نهايته كره الناس وبغضهم له.

بقلم: وليد مخلد العتيبي

بقلم: وليد مخلد العتيبي

تعليقات

اكتب تعليقك