آمنة الموسوي ترى أن الحالة الجديدة التي يعيشها معظم الأزواج الجدد هي مسخ يسمى (عزوجية)

زاوية الكتاب

كتب 574 مشاهدات 0




عزوجية 
 
كتب آمنة الموسوي

لكل مرحلة من مراحل حياة الإنسان طبيعتها المختلفة، إضافة إلى سلبياتها وإيجاباتها، حقوقها وواجباتها، مسؤولياتها وتبعاتها المتباينة. الطفولة لها ما لها وعليها ما عليها، الشباب، الكهولة، العزوبية والحياة الزوجية كلها كذلك.
الصعوبة والمأزق الذي قد يواجه الإنسان من هذه التباينات واحدة من إثنتين، إما أن المرء لا يرى في كل مرحلة عمرية سوى سلبياتها ونقائصها ومسؤولياتها وتبعاتها، فيقعد ملوما محسورا، غير قادر على الإستمتاع بها أوالتفاعل معها، وعاجز عن الإستفادة من لحظاتها لبناء قواعد جديدة للمراحل المقبلة من حياته، أو إنه يخوض كل مرحلة يريد أن يستفيد من إيجابياتها بأنانية تامة متخليا بمحض إرادته عن مسؤولياتها وتبعاتها وأعبائها لا برميها في مكب النفايات خارج المنزل بل بسكبها جميعها على الآخر الذي يشاركه ذلك المنزل.
ولأننا معنيون في هذه المقالة بالحياة الزوجية، فمن الطبيعي أن يكون محور حديثنا مرحلتي العزوبية والزوجية، وهي مرحلتان شبه متناقضتين في تفاصيلهما وبالأخص من حيث التبعات والمسؤوليات. وفي الوقت الذي تكون فيه العزوبية مرحلة الخلو من المسؤوليات تماما أومرحلة مشاركة هامشية بمسؤوليات الآخرين فإن مرحلة الزوجية تصبح مرحلة المشاركة الواقعية الكاملة الدسم إلى الوقت الذي يقتحم فيه الأطفال هذه المرحلة لتصبح المسؤوليات مضاعفة بتضاعف عدد المقتحمين الجدد، ولتصبح الأعباء أكثر ثقلا وتأثيرا وربما إيلاما ودواما.
وبالرجوع إلى المأزق المذكور عاليه، فإن مأزق الكثير من الأزواج الجدد هو المأزق الثاني، وهي رغبتهم في الإستفادة من إيجابيات الحياة الزوجية دون أدنى استعداد لتقبل السلبيات أولنقل المسؤوليات والتبعات التي تتبع الإنتقال من العزوبية إلى الزوجية، وهذا المأزق هو ما يجعل كل من الطرفين يضيق بالآخر، أوعلى أحسن الإحتمالات ينجح أحدهما في سلب الآخر كل الإيجابيات ليبقى كوبا ممتلئا بالسلبيات التي سرعان ما يصل إلى حد الإنسكاب والوصول إلى تحطم الأسرة أوالنهاية المظلمة (الطلاق).
الكثير من الرجال لا يريد حتى أن يغير جدوله اليومي بعد الزواج، فروتين العزوبية في نظره كتابا مقدسا لا يجوز مسّه، وإلا فالويل والثبور عليه من نظرائه الذين سينعتونه بأنه سكانه مرته، فيضحّي من أجل هذه الرجولة الزائفة براحة أسرته ويلقي عن كاهله مسؤوليات كثيرة سيكون مساءلا عنها في ميزان الحق جل وعلا، فلا يجب أن تطلب منه المرأة طلبات المنزل، ولا يجوز أن تتبرم بينما هوجالس على الطعام، وليس من حق المرأة أن تطلب منه قرشا من أجل حاجيات المنزل، وإذا ما حلّ المساء فهو في الديوانية وحذار من أن تزعجه المرأة برنين الهاتف طالبة منه العودة مبكرا لأنه وياللمفاجأة لم يعد أعزبا.
الكثير من النساء في المقابل، لا يجدن في الحياة الزوجية سوى عرسا في مقتبله يشار له بالبنان، وهروبا من منزل الأهل الذي قد يثقل بمحاذيره على خروجها ودخولها، ونحشة معتبرة من البقاء بلا زواج والذي قد يفتح صمامات الألسن النسوية عليها، وهي بالطبع فرصة لمزيد من البرستيجات النسوية ولكن حذار أن يتجرأ أحد ويسمعها كلمة واحدة عن ضرورة إطاعة الزوج، وعدم الخروج إلا بإذنه، وصيانة ماله، وربما حتى من توفير راحته المنزلية لأنها وببساطة سترد بكلمة (شمعنى!!) وهي كلمة  تعني في اللهجة المحلّية، أن حالها من حاله يطلع على كيفه أطلع على كيفي.
الشاهد أن البيوت الجديدة تحوّلت إلى أوتيلات نجمة ونص، فلا الرجل مستعد لمجابلة الأسرة، ولا المرأة مستعدة للبقاء في المنزل كلما خرج الزوج، والإثنان يعتمدان على مطاعم الوجبات السريعة التي لم تترك حيلة إلا واحتالتها من أجل تسويق بضاعتها الفاسدة، بينما الإثنان يقضيان الوقت في كسب المال وصرفه بعيدا عن أدنى حس بالمسؤولية.
الخلاصة أن الحالة الجديدة التي يعيشها معظم الأزواج الجدد هي مسخ يسمى عزوجية!!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك