الجمل صاحب فكرة الصوت الواحد

• المجالس أمانات، وأخلاقيات المهنة يُفترض أن تكون محل احترام والتزام.

لست بصدد مناقشة الخبير الدستوري يحيى الجمل في ما قاله، أخيراً، في حديثه لجريدة الجريدة، فخبرته الطويلة وعدم تخصصي بالقانون يجعلان المعادلة صعبة للغاية، وغير عادلة، إلا أن ثمة بعض الآراء والمعلومات التي أدلى بها الأستاذ الجمل تدفعني إلى التوقف عندها، مستفسراً حيناً، ومنتقداً حيناً آخر، ولكن الهدف الأساسي الاستيضاح والتوضيح.

إنني في غاية الدهشة أن أقرأ أن الأستاذ الجمل هو صاحب اقتراح «فكرة الصوت الواحد» الانتخابي، ولكني بالتأكيد لست مستغرباً! فالكويت صغيرة لا يختبئ فيها سر. فالخبير الجمل زار الكويت إبان فترة المجلس المبطل بدعوة من أحد المكاتب القانونية، وزار الكويت حينها أيضاً بناء على دعوة من إحدى الجهات الرسمية، وكل ذلك للاستماع إلى رأي الخبير الدستوري بشأن مرسوم الضرورة الذي صدر في ما بعد بشأن الصوت الواحد.

هذا يعني في المقام الأول أن الخبير الجمل جاء في كل الأحوال لتقديم استشارة، ورأي قانوني، وربما أكثر من رأي في مجمل التطورات السياسية والقانونية، آنذاك، مقابل عقد استشاري، وهو أمر مشروع لا غبار عليه، ولكن البوح علناً برأيه القانوني، وأنه «صاحب فكرة الصوت الواحد» ربما يعد خروجاً عن مقتضيات وأعراف المهنة، علاوة - وهو الأمر الأهم - على أن تصريح الخبير الدستوري الجمل يعد تعدياً وتجاوزاً على سلطات أصحاب القرار، دون أن يبوح أي شخص كان في أجهزة الدولة من كان وراء هذا المرسوم أو ذاك، وهي مبادئ أساسية من القواعد المهنية، وكما هو معروف فالمجالس أمانات، التي يفترض ألا تغيب عن بال القانوني المخضرم يحيى الجمل.

وكان يُفترض أن يصدر بيان من أحد أجهزة الدولة في البلد يعترض على حديث الأستاذ الجمل ويوضح أن ما قام به (الجمل)، شأنه شأن غيره من الخبراء الدستوريين الذين يعملون في الدولة، وحديث كهذا مرفوض من الناحيتين السياسية والقانونية، وتعدٍّ على سلطات الغير، ولكن من الذي سيقرأ ويبادر؟

كم تمنيت أن يولي الأستاذ الجمل جل اهتمامه في إبداء رأيه في مراسيم الضرورة التي كانت مثار جدل ونقاش واسعين في الكويت، كما جاء في كتابه «نظرية الضرورة في القانون الدستوري» حول «مقتضيات الصالح العام وضروراته».

خالد أحمد الطراح