مكافحة الإرهاب ودعم الثورة السورية لا يتفقان.. برأي الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 637 مشاهدات 0


القبس

الإرهاب ليس القتل والتدمير فقط

عبد اللطيف الدعيج

 

كان لافتاً للنظر تضمن إعلان القمة العربية الأخيرة، التي انعقدت في الكويت، أمرين متناقضين. أو هما يبدوان كذلك لمن يملك هواجس الشك والتدقيق في مواقف الأنظمة العربية. فإضافة إلى ما تعوّدنا عليه من «تحقيق التضامن والتكامل العربي وحلول قضية فلسطين» حرصت القمة الأخيرة على أن تعلن مكافحتها للإرهاب وعزمها على اقتلاع جذوره، في الوقت الذي حرصت فيه ايضا على اعلان دعمها لـ«الثورة السورية»، وحق الشعب السوري في الحرية والديموقراطية.

مكافحة الإرهاب ودعم الثورة السورية لا يتفقان. فالذين دعمتهم وتدعمهم الدول العربية من «ثوار سوريا» هم الأصوليون وقادة وقواعد الإرهاب الذي تدعي هذه الدول مكافحته. ورغم تضمن اعلان القمة العربية دعم الائتلاف السوري، فإن هذا الاعلان كما لاحظ محررو القبس لم يتضمن وصف الائتلاف بأنه الممثل الشرعي «الوحيد»، مما يعني أن الباب لا يزال مفتوحا لممثلين شرعيين «آخرين» تدعمهم الدول العربية، خصوصا الخليجية، وهم ممثلو التطرف والإرهاب الذي عنيت القمة العربية بادعاء محاربته.

مع كل هذا قد يبدو الأمر عاديا ومقبولا، لكن أن تحرص دول، تغيب عن أغلبها الديموقراطية بشكل كامل، على أن يحصل الشعب السوري على حرية وديموقراطية محرومة منها شعوب الدول الداعمة لـ«الثورة الديموقراطية» في سوريا، فان هذا الحرص يبدو غريبا ومشكوكا فيه.

هذا يجعل الارهاب الذي تحاربه او تدعي محاربته الدول العربية، هو الارهاب المعني بزعزعة وضع الانظمة واقلاقها. اما ارهاب هذه الانظمة نفسها المتجلي في ازدراء الغير وفرض الأنا ومعتقداتها البالية، فإنه إرهاب «محمود»، إن لم يكن «دعوة: ووسطية سمحة في أغلب الأحيان».. ان الدول العربية شرعت وقننت القهر والاضطهاد وفرض الرأي الواحد، بل وتحصينه وتقديسه، تماما كما في قانون الاعلام الكويتي، وهذا هو الارهاب.. عينه، مصدره وقواعده وجذوره التي تحرص هذه الانظمة على تغذيتها ورعايتها.

ان مكافحة الارهاب تتطلب اول ما تتطلب، نشر التسامح وإفساح الفرصة أمام الغير لعرض رأيه ومعتقده، الى جانب رأي من حكم أو «تغلب». الانظمة العربية التي تدعي مكافحة الارهاب تحارب الرآي الآخر، وتزدري الآخرين، وتمنع التعددية وحق الاختلاف.. وهذا مرة ثانية هو الإرهاب بعينه وعلمه.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك