الكويت تعاني حالة فقدان حقيقي لدور النخب الرشيدة.. برأي فوزية أبل

زاوية الكتاب

كتب 629 مشاهدات 0


القبس

كي لا تغيب القيم بغياب النخب!

فوزية أبل

 

• إنه الفارق بين المدافعين عن القيم الأصيلة وبين المتهافتين لأجل مصالحهم وأجنداتهم.

في كل مرحلة من التطور السياسي والمجتمعي في بلدان العالم هناك نخب سياسية واجتماعية وثقافية تقوم بدورها، إلى هذه الدرجة أو تلك، في مواكبة المستجدات وفي التأثير في القناعات.

لكن مفهوم النخبة، مثل غيره من المفاهيم، يتم إخراجه من معناه ومن الآمال المعقودة على دوره ونشاطه.

فقد شكلت النخب على مر الأحقاب التاريخية الميزان الذي يضبط المخاضات السياسية والاجتماعية والاضطرابات الشعبية.

في ما مضى كان هناك «نخبيون» تأثروا بأفكار الحداثة والنهضة والرقي، وقدموا التضحيات من أجل تنمية الكويت وتطوير أحوالها، ومواجهة المخاطر التي تحيق بالبلد من كل صوب.

هناك فارق كبير بين نخبة تضع نفسها في خدمة المجتمع وقضاياه ومتطلبات تطوره وتنويره، وبين مجموعات طفيلية متسلقة بحثا عن المنافع، وعن مزيد من تكسرات سياسية واجتماعية.

إنه الفارق بين المدافعين عن القيم الأصيلة، من ذوي الحس الإنساني والشعور الوطني والرصيد الفكري والجهد التنموي، وبين المتهافتين لأجل مصالحهم وأجنداتهم، أو مفتعلي المعارك الجانبية التي لا علاقة لها بقضايا جوهرية تمس الوطن وأبناءه، أو حتى بأمور ذات صلة بمحاسبة المسؤولين عن أخطائهم وإخفاقاتهم.

الذي حصل هو أنه لم تتوسع دائرة المشاركين في صنع القرارات الصحيحة الكفيلة بتحسين مسارات الواقع المحلي ومؤسساته. بل على العكس، فقد توسعت دائرة شلل هياكل المؤسسات والمجتمع المدني، ودائرة الصراع والخلاف والتراشق والانقسام.

ولا بد من القول إن بعض المتسلقين والمنتفعين الذين أطلقوا على أنفسهم صفة «النخب» قد أساءوا إلى هذا المفهوم بما يحمله من فكر نبيل وراق واسترخصوا المهام الكبيرة والأدوار الوطنية المرتبطة به. مع أن القضايا الملحة المطروحة على الساحة تزداد أهمية، لا سيما في ظل انقسام سياسي وإرباك مجتمعي تكاد تضيع معه معالم تطلعات وأماني الكويتيين بالإصلاح في هذا القطاع أو ذاك، وفي هذا الملف أو ذاك.

فما نشهده اليوم من الاستغراق في مناقشات صاخبة وإثارة للنعرات وصناعة المعارك ولغة الأجندات يشكّل انتكاسة في مجمل مسارات التأطير السياسي والاجتماعي في المشهد الداخلي.

ووصل البلد إلى حالة فقدان حقيقي لدور النخب السياسية والاجتماعية والفكرية الرصينة، المتنورة، الرشيدة والعقلانية، والمفترض أن تقوم بواجبها الوطني بتصويب منحى النقاش، وبوضع السجالات في إطارها الذي يخدم مقومات الاستقرار السياسي والاجتماعي، والقيم الأخلاقية العليا، والمشاركة السياسية الإيجابية.. والأهم صناعة الموقف الوطني في وقته وظرفه.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك