'الغبقة' موروث شعبي يقوي العلاقات الاجتماعية

منوعات

3557 مشاهدات 0


 


تعتبر الغبقة من أهم التقاليد القديمة بالخليج، والغبقة هي وجبة تتوسط وجبتي الافطار والسحور في شهر رمضان الكريم، وهي ولائم تقام لتجمع أفراد العائلة أو الأصدقاء على مائدة واحدة، فهي تقليد اجتماعي بالمقام الأول، واستمرارها إلى الآن يعني المحافظة على موروث تاريخي عريق بمنطقة الخليج العربي، وتسعى العائلات الخليجية الى عدم انقطاع هذا التقليد في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، وتأتي الغبقة بين الساعة العاشرة والثانية عشرة ليلاً،
وتتميز بأكلات مختلفة عن الأكلات التي يتم تناولها في وجبتي الإفطار والسحور، سواء من ناحية الوجبات الرئيسية أو الحلويات، ويجتمع الأهل والأصدقاء ليتفقوا فيما بينهم بدون قوانين أو بروتوكول محدد لإقامتها كل يوم أو يومين عند أحد منهم لينتج عن ذلك الألفة والمحبة على المائدة،
'الشرق' التقت عددا من المواطنين الذين أكدوا مدى حرصهم على استمرار هذا التقليد، والسعي نحو عدم اندثاره، رغم تسارع وتيرة الحياة التي نعيشها الآن.
بداية قال عادل الشمري ان ارتباط الغبقة بشهر رمضان الكريم جعل لها فوائد عظيمة، فتلك الوجبة التي تُعد وجبة غير رئيسية، تدفع المدعوين لها للاهتمام بحضورها، واجتماع الأهل والأصدقاء على مائدة واحدة تتوزع فيما بينهم على مدار شهر كامل أو حتى أقل، له الكثير من الفوائد.
فوائد الغبقة
فمن ناحية الأهل، فهي تزيد من صلة الرحم، ومن ناحية الأصدقاء فهي تقرب العلاقات الودية فيما بينهم، وقال الشمري ان الغبقة التي تتوسط وجبتي الافطار والسحور، عادة من أقدم العادات القطرية والخليجية التي يتميز بها شهر رمضان الكريم، حيث تُقام الغبقة بين الساعة العاشرة والثانية عشرة مساءً، مما يعني أن جميع الارتباطات قد انتهت، فقد استطاع كل فرد أن ينهي عمله ويأخذ قسطا من الراحة ويفطر مع أهله، ومن ثم يصلي التراويح،
وبهذا تأتي الغبقة في وقت مناسب جدًا لدى الجميع، وأوضح الشمري أنه يحرص على إقامة الغبقة في بيته للاجتماع بالأهل والأصدقاء والأقارب والجيران، كما أنه يسعى جاهدًا لتلبية دعاوى الغبقة، لكي يستطيع رؤية الأشخاص الذين لم يجتمع بهم منذ وقتٍ طويل، فانتقال الغبقة من منزل لآخر يزيد من فرص اللقاء بين الأصدقاء الذين مر وقت طويل على عدم اللقاء بهم، كما أنها تكسر من روتين الغبقة في بيت واحد.
وجبة صحية
من ناحيته أكد عادل سعد أن الغبقة وجبة صحية تأتي بين وجبتي الافطار والسحور، حيث انها تكون أدسم من وجبتي الافطار والسحور، فبعد افطار يوم طويل يصل إلى خمس عشرة ساعة، يستوجب عدم ارهاق المعدة بأكل كميات كبيرة من الطعام الدسم، الذي يُتعب المعدة، ويتسبب في حالة من حالات الخمول للصائم، مما يجعل الصائم لا يستطيع القيام بصلاة التراويح، لذلك نرى الغبقة تأتي بعد صلاة التراويح، فيكتفي من ينتوي اداء صلاة التراويح وتلبية لوليمة غبقة، بالإفطار على القليل من الماء والعصير والتمر وبعض الحلويات بجانب تناول كمية بسيطة من المؤكولات الشعبية التي تؤكل في رمضان مثل: الثريد والهريس والمضروبة، ليصلي من بعدها التراويح ومن ثم يذهب لتناول الغبقة، وأوضح سعد أن الغبقة ليست وجبة أساسية في شهر رمضان المبارك، فهي مرتبطة بالعزائم والولائم التي من شأنها تقوية أواصر المودة والتآخي بين الأهل والأصدقاء.
تقليد مستمر
بدوره بيّن يوسف الجاسم أن الغبقة لا زالت مستمرة بين أغلب العوائل القطرية هذا إن لم يكن جميعها، مشيرًا إلى أن الجميع لازالوا يحافظون عليها، كعادة رئيسية من العادات الرمضانية الموروثة عن الآباء والأجداد، متمنيًا أن تستمر بجانب باقي التقاليد الرمضانية الشعبية الموروثة، وأضاف رغم عدد ساعات الصيام الطويلة وتقلص عدد ساعات الافطار، إلا أن أغلب البيوت مازالت مهتمة بها، لافتًا إلى أن وجودها لم يتأثر كثيرًا، رغم أن الصائمين يفضلون شرب العصائر والمياه في فصل الصيف، ونوه الجاسم إلى أن أكلات الغبقة تكون مختلفة تمامًا عن أكلات وجبتي الإفطار والسحور، فأكلاتها تكون أكثر دسامة كما أن نصيب الحلويات يكون أكثر بكثير من باقي الوجبات، وقال الجاسم ان الهدف الرئيسي من الغبقة لا يتمثل في الطعام، وإنما يمثل الحفاظ على التواصل بين الأهل والأصدقاء، وزيادة الود والرحمة والحب وتأليف القلوب على بعضها البعض.

الآن-الشرق

تعليقات

اكتب تعليقك