وليد الجاسم لـ'الحكومة': اعقلوها ووافقوا على تعديل قانون التأمينات الاجتماعية!

زاوية الكتاب

كتب 960 مشاهدات 0


الوطن

التقاعد في عمر الأربعين

وليد جاسم الجاسم

 

تعديل قانون التأمينات الاجتماعية الذي اعلن عنه النائب سعود الحريجي أمس، أظن انه خطوة في الطريق الصحيح، فلا مانع أبداً ان يتم تصحيح الخطأ الذي حصل وربطوا فيه الموظف بالوظيفة لسنوات طوال طول الدهر الذي يعيشه الانسان تقريبا بحيث لا يغادر وظيفته الا وهو يقول لابنائه.. ولزملائه في العمل.. «يا الله حسن الخاتمة»!! فيغادر وظيفته خالياً من أي رغبة في الانطلاق إلى عالم جديد في العمل الخاص سواء كصاحب عمل أو كموظف في القطاع الخاص.
في الثمانينات، كان الموظف الكويتي يمتلك خياراته بشكل افضل ويحق له التفكير في التقاعد فور بلوغه الاربعين، مع تضحيات مالية يقدمها تخص علاقته بالمؤسسة ومعاشه التقاعدي، ولكنه يظل خياره، ولا داعي لفرض الوصاية عليه بعدما بلغ اشده.. وبلغ اربعين سنة وأكثر مثلما تستمتع الحكومة وهي تفعل ذلك في الناس في كل المجالات.
الحكومة أرادت ان «تحلل» ما تدفعه عن كل مواطن شهرياً لمؤسسة التأمينات الاجتماعية لضمان معاشه التقاعدي ففرضت عليه أن يقبع أكثر وأكثر داخل مؤسساتها الروتينية المتهالكة. فصارت الاماكن في الوزارات والهيئات أكثر ضيقاً وأقل بركة ولا مكان للموظفين الجدد لان القدامى يصلون الأربعين والخمسين والستين.. وبعد.. غير قادرين على التقاعد. ومتى بلغ الخمسين فإنه غالباً يشعر بالوهن والهدوء وعدم الرغبة في التغيير أو خوض المغامرات، فتراه لذلك يفضل أن يكمل مسيرته خلف هذا المكتب كموظف حتى يبلغ الستين.. وإذا بلغها.. يحاول التمديد إلى الخامسة والستين، فالعمل «أونس». وهكذا يتواصل التزاحم في الهيئات الحكومية وتتواصل الطوابير على الوظيفة، وتضطر الوزارات إلى التوسع واستئجار وبناء المباني الإضافية وستدفع لذلك أموالاً أكثر من خسائرها في التقاعد المبكر. ولن تتخلص من توظيف الشباب الجدد مهما فعلت ومهما ضغطت.
بهذا الشكل، يمكن القول إن المحصلة النهائية هي أن الحكومة حاولت تكحلها.. عمتها، وحاولت ان تحلل ما تدفعه من أموال فزادت الطين بلّة وعطلت مصالح الكبار (الموظفين في الحكومة أصلاً) مثلما عطلت مصالح الصغار (الذين ينتظرون الدور للحصول على الوظيفة)، في ظل دولة مازالت فاشلة وعاجزة عن توفير الضمانات اللازمة للعمل في القطاع الخاص مع الشعور بالامان بعيدا عن غبن وظلم ومزاجية اصحاب الاعمال ممن يشفطون المناقصات شفطاً ولم يفكروا في تعيين الكويتيين في شركاتهم إلا رضوخاً للقانون الذي ربط الحصول على المناقصات بوجود نسبة من العمالة الكويتية لديهم.
وهنا أيضاً خلق التلاعب في التوظيف مع اعطاء هذه الشركات فسحة ملائمة لاستغلال حاجة الشباب الذي يعاني البطالة للعمل في ظل صعوبة وبطء اجراءات التوظيف الحكومي. فصارت هذه الشركات توظف الشباب والعاطلين وحاملي الشهادات المتواضعة توظيفاً صورياً مقابل التسجيل في التأمينات آملين أن يكسبوا سنة أو سنتين (هي عمر البحث عن وظيفة) في سجلهم التقاعدي، وتمضي السنين.. وتستمر المشكلة وتتواصل دون حل.
الآن.. للحكومة نقول: اعقلوها وتوكلوا ووافقوا على تعديل قانون التأمينات الاجتماعية، ودعوا المكابرة جانباً، فما سوف توفرونه من أموال ومن ضيق مساحات ومن روح جديدة في العمل أكثر وأهم وأشمل من أن تحللوا ما تدفعونه شهرياً لمؤسسة التأمينات.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك