لو قيض الله للقضية الفلسطينية 'أبو مازن' من بدئها لما تعرجت هكذا.. بنظر صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 686 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  نصف فلسطيني

صالح الشايجي

 

أنا من جيل فتح عينيه وأذنيه على كلمة فلسطين.

رأيت الفلسطينيين وعرفتهم قبل أن أعرف أيّ عربيّ من جنسية أخرى.

معلمي في المدرسة فلسطيني وصديقي الطفل فلسطيني، والجار والبائع والطبيب وغيرهم، فلسطينيين كانوا.

كأنّني كنت نصف فلسطيني فيما رأت عيني وما قرّ في قلبي وما سمعت أذني.

هذه المقدمة أغنتني عن القول بأن الفلسطينيين أدرى بفلسطينهم، بـ «يافاهم» و«حيفاهم» و«خليلهم» و«غزتهم». وخوّلتني دسّ أنفي في شأن من شؤونهم ـ ونحن نعيش كلّ شؤونهم!

إن كان «ياسر عرفات» أخطأ في حق بلدي، فذلك أمر مضى مثلما مضى الرجل نفسه إلى حيث لا عودة، ولست ممن ينكأ الجراح ولا من يبيّت الثأر ويُبقيه على نار هادئة، ولست أكتب نبشا لماض لا بد من نسيانه، ولكنما أكتب إنصافا لرجل أراه مظلوما من كل صوب وتأتيه السهام الجارحات من أهل داره قبل غزاتها.

«محمود عباس» رئيس السلطة الفلسطينية هو ذاك الرجل المظلوم المنكود الذي تغزو سمعته سهام التشكيك والتخوين من كل صوب دون ذنب اقترفه أو تقصير قصّره.

ماذا في وسع الرجل أن يفعل وهو المغلول اليد والقليل الحيلة، وفعل ما فاق إمكاناته وما هو متاح له؟

جاء الى السلطة والجسور الفلسطينية إلى عالم العرب والغرب، مقطوعة ومهدمة، فرمّمها وأحيا رميم عظام قضيته التي كادت تبلعها رمال الأرض.

استقر الوضع وهدأ نوعا ما. وانفتحت نافذته الصغيرة على عوالم كبيرة.

تعامل مع القضية الفلسطينية تعاملا سياسيا واقعيا، لا تعاملا عاطفيا، لم يرقص على طبول الموتورين في الشوارع العربية، ولم يطرب لأصوات حناجرهم الصدّاحة التي تؤدي دور الجوقة ثم تنصرف إلى أسرّتها بعدما تملي مطالبها المستحيلة.

لم ينجرّ إلى غوغائية الشارع ليزيد شعبيته ولكنه دق الباب تلو الباب من أجل قضية حملها أمانة في رقبته، وهو يعلم أنه لا يسير على هوى الريح الشارعية التي تؤمن بالبطولات الحناجرية وبـ «السيف والخيل» بل إنه جنح إلى «القرطاس والقلم».

فمن أين يأتي بالسيف وهو الذي يحتاج قبل السيف إلى يدٍ، فمن أين اليدُ؟!

ارحموا الرجل ودعوه يعمل، فغزة تحترق والناس تموت، والرجل ما قعد ولا توانى، فلماذا ترجمون من حمل الدواء وتسكبون قراح الماء على من أشعل فتيل الموت؟!

لو قيض الله للقضية الفلسطينية «محمود عباس» من بدئها لما سارت وتعرجت في تلك المعارج!

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك