'داعش' وشرعية الحكومات والأنظمة العربية!.. بقلم خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 516 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  جدل 'حاي الحاي'.. و'حجاج العجمي'

خليل علي حيدر

 

فجرّ تنظيم داعش وأنصاره، قضية بالغة الأهمية، وهي شرعية الحكومات والأنظمة الخليجية والعربية، وأثار اكتساح التنظيم وأنصاره لبعض مناطق العراق، وإعلان قائده نفسه خليفة للمسلمين ومطالبته بالبيعة سؤالاً أساسياً حول مصير الاستقرار السياسي وسلطة الدساتير والقوانين المدنية وأشياء كثيرة أخرى.. في كل البلدان المجاورة!
وقد تبرر دعوة «داعش» هذه، لهدم كل ما بُني في الحياة السياسية والوطنية العربية على أساس تاريخي أو قانوني أو قومي أو شعبي، وتفكيك كل البلدان والمجتمعات العربية، ولإعادة تركيب كل المؤسسات والقيم والمصالح والوثائق وقضايا الانتماء والولاء، على أسس جديدة وفق المرجعية الدينية البحتة.
طالعتُ تعليق الداعية «حاي الحاي» في «الوطن» 2014/7/18، على لقاء الداعية «حجاج العجمي» على قناة «روتانا خليجية»، وعلى أنه «لا بيعة في عنقي لأحد»، و«أن البيعة العظمى في أعناقنا للإمام الأعظم الذي تختاره الأمة»، وقوله، أي الداعية العجمي، من «أن سلطان الأمة غائب من خلال هذه الأنظمة التي فرضها المستعمر منذ سقوط الخلافة فوظفها في سياساته».
وقد جاء في الصحيفة أن الداعية حاي الحاي اعتبر «ما ورد على لسان العجمي جرأة قبيحة»، متهماً من يقول بما قاله العجمي حول البيعة بأنه «لم يشم رائحة العلم». وذكر «الحاي» أن ما ورد على لسان العجمي «من شأنه تهييج الناس وأن يزيد من الفتن والمظاهرات والاضطرابات، وليس به تأصيل أو رجوع لكبار العلماء».
ولا اختلاف حول مشاكل الحكومات العربية، ولكن هل ثمة «بديل شرعي» لها بالشكل الذي يتصوره الداعية العجمي؟
فثمة على الأقل أربعة عوائق لا يستهان بها هي:
الأول، اختلاف الفقهاء والنصوص في تعريف الحكومة الإسلامية والسلطة الشرعية ومسائل البيعة بل وفي تعريف الشورى ورجالها وحدودها وغير ذلك.
الثاني، مدى نجاح هذه القوى السلفية أو الدينية في إدارة الدولة الجديدة وبناء الخلافة المنشودة. فالذي لا شك فيه أن مثل هذه القوى قد تنجح في تنفيذ العقوبات والحدود الشرعية، ولكن ماذا عن الاقتصاد والحياة الاجتماعية والعلاقات الدولية وغيرها؟ فالإسلاميون، حتى الاخوان منهم، يشتكون من ضعف «الفقه السياسي»، وقد رأينا تخبط حزبهم في مصر وسقوط أول نظام يقيمه الإخوان لأسباب يعترف الإخوان انفسهم بتقصيرهم وتعجلهم فيها. أما السلف فقد نادوا طويلا بضرورة الابتعاد عن السياسة، حتى فتح الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق المجال لذلك، ولا يدري أحد إن كان ثمة أي إجماع على آرائه.
فمن سيدير هذه الدولة ويتولى مناصبها ويتخذ قراراتها الاستراتيجية؟ وهل ستكون دولة «ازدهار اقتصادي» أم «معسكر جهادي» أم «نظام إرشاد وتعريف ودعوة» أم شيئاً يشبه في الواقع الدول والأنظمة العربية القائمة.. وربما أسوأ منها!.
الثالث، ما موقف هذه الدولة من تيارات وأحزاب وأقليات شعبها؟ وهل ستتحول الدولة الشرعية الجديدة إلى مجرد آلة ضخمة للقمع والترهيب والملاحقة، أم ستخطط لازدهار حياة المسلمين على كل صعيد؟
ثم ما موقف هذه الدولة من القوانين والهيئات الدولية، وما موقف العالم منها، وهل ستعترف دول العالم الكبرى والصغرى بها وتتعاون وتتبادل معها البضائع والخامات والخدمات، أم ستقفل هذه الدولة على نفسها الأبواب وتنعزل «عزلة شعورية» لسنوات، كي يشتد عودها وتقوى سواعدها؟ ثم ماذا بعد مثل هذه العزلة؟
الرابع، هل مثل هذه الدولة الشرعية، التي تبني كل صغيرة وكبيرة فيها بشكل «شرعي» ودون سوابق عصرية، ستكون بمأمن من الانقسامات والصراعات، وبعيدة عن «المنافقين» والمستفيدين؟ وحتى لو تم إبعاد الليبراليين والعلمانيين وغير أهل السنة، ألن تشهد مثل هذه الدولة في الكويت والسعودية وقطر وغيرها، صراعاً قبلياً دونه بكثير ما نرى في ليبيا!؟.
وقد يتساءل القارئ: ألا ينبغي للسلفيين المطالبين بـ«الخلافة الشرعية» و«الإمامة العظمى»، أن يرفضوا كل ما يربطهم بالأنظمة القائمة من جوازات سفر وبطاقات مدنية، ومن مناصب ورواتب؟
أما كل ما بُني على باطل.. فهو باطل؟

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك