عبد اللطيف الدعيج يكتب: هكذا تم تدمير الجهاز الإداري للدولة!

زاوية الكتاب

كتب 739 مشاهدات 0


القبس

التكويت

عبد اللطيف الدعيج

 

بعد إسقاط الحكومة الوطنية عام 1964، وإقصاء المعارضة الوطنية، ومن ثم تزوير انتخابات مجلس الامة بعد ذلك. بعد كل هذا انتشرت في جسم الدولة والمجتمع آفات المداهنة والمجاملة والتملق السياسي، التي كانت السلطة وقتها بحاجة اليها، بعد ان عزلت نفسها عن القوى الاجتماعية والسياسية الحية والفاعلة. واضطرت السلطة هنا الى اختيار او بالاحرى شراء الاعوان، ومن ثم مواصلة ترضيتهم واستمالتهم. فكان ان تم - من ضمن اختراعات عديدة - اختراع سياسة «التكويت».

التكويت تعني ان يتم اختيار الموظف او في الغالب ترقيته، لا لشيء الا لانه كويتي. لهذا تنادى موالو السلطة والمرتبطون بها الى اقتسام ما توفر من ادارات ومؤسسات واقسام الدولة بحجة ان المواطن اولى او اكثر ولاء. بهذه السياسة، اي سياسة التكويت، تم ارساء، بل الى حد ما تقنين «التمييز». اصبح التمييز بين الناس او تفضيلهم بسبب الجنس او الاصل او الفصل «مشروعا»، ومقبولا. والذي قبل بالتمييز بين المواطن والوافد كان عليه ان يقبل بالتمييز بين الحضري والبدوي، الشيعي والسني، والقريب والبعيد. وهكذا اصبح الموظف في مؤسسات وهيئات الدولة يختار او يتم تعيينه وفقا لاصله، وبناء على فصله، وليس وفقا لكفاءته وخبرته.

وهكذا تم تدمير الجهاز الاداري للدولة، والتمهيد لانتشار المحسوبية والواسطة، وبالتالي الفساد فيه. ان اصل الفساد الذي يشتكي منه الكثيرون هذه الايام ليس هذا التاجر او ذاك الفرد كما يزعم البعض. بل مجمل قادة ورؤساء المؤسسات الحكومية، من رؤساء الاقسام الى الوزراء الذين يعلمون انه تم تعيينهم في مراكزهم بسبب انتمائهم واصلهم وليس قدراتهم وكفاءتهم. والذين هم بهذا القدر او ذاك مدينون لهذا المتنفذ او ذاك الذي سهل امر «استحواذهم» على الوظيفة الادارية.. وبالتالي هم اتباع وموظفون لديه، وليس لدى الدولة او المجتمع.

سياسة الاستحواذ على المناصب القيادية بحجة «التكويت» ترافقت ايضا مع سياسة التعيين الريعية. فأصبح الموظف يعين لانه كويتي، وليس لان المؤسسة او الهيئة الحكومية بحاجة اليه. الآن اصبح التعيين على هذا المنوال، وبفضل سياسة دعم العمالة، متفشيا في القطاعين العام والخاص. ولان الموظف يعين على انه كويتي، فانه اصبح لا يعمل، لانه كويتي ايضا. لهذا تحول اغلب الكويتيين والاداريين منهم بالذات الى «بطالية» بلا عمل او انتاج حقيقي، حيث تولى الوافدون العمل والانجاز الحقيقي.

الآن.. وفي ظل تهديد نضوب موارد الدولة، فان المطلوب ان يستعيد الجهاز الاداري للدولة عافيته. او بشكل ادق ان يتعافى المواطن الكويتي نفسه. اي تشغيل المواطن الكويتي بدلا من الوافد.. وهذا، وليس التقتير هنا او الخصم هناك ما يحتاجه البلد، ويئن له الاقتصاد.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك