نواف الهاملي يرثي 'بومناور' المرحوم يحيى مرزوق البرازي

زاوية الكتاب

كتب 2196 مشاهدات 0

يحيى البرازي بومناور  - رحمه الله

حينما تفقد رجلا بحكم العم يحيى مرزوق البرازي فإنك تكون قد فقدت جيلا بأكمله من السماحة والطيب والوفاء. هذا قدرنا, كل يوم تفقد الارض واحدا تلو الاخر كتساقط حبات التمر من النخيل المثمر.

لن يجود الزمان بأمثال “بومناور” وغيره من “شيبان” الخير والنوماس الذين عاشوا على فطرتهم الانسانية وبساطتهم المتواضعة وحلو معشرهم فالعفوية الطيبة والاصالة كانت تسبق “بومناور” في سؤال عن جار هنا او جار هناك كان يحمل عنوانا جميلا في حياته “الجيرة الطيبة”.

العم “بومناور” عاصر جيلا مهما وعاصر رجالاً خيرين رحلوا كما رحل بالامس فترك فراغا كبيرا من الصعب نسيانه او المرور عليه من دون توقف او تأمل ولكن حينما يأتي القدر فإنه اكبر من قدرتنا جميعا نحن البشر.
هناك من يغادر دون اي ذكر او تأثير لان وجوده بالحياة اشبه بالعدم لكن “بومناور” عندما غادر هذه الدنيا الى الاخرة انطفأت الانوار وبكى الجميع وخيم عليهم حزن مرير.

كنت أتذكر حينما كنت اذهب الى بيته في منتصف الثمانينات بالرقة ابحث عن رفيق الدرب “مناور” ويقول لي: “اقلط” داخل المجلس وعندما ادخل انتظارا للرفيق الطيب كنت اشعر بدفء البشت الذي يضعه على ظهره في ليالي الشتاء البارد فقد كان نبعا من الحنان المتدفق وسيلا جارفا من العاطفة كان بشت “بومناور” فضاء رحيبا لابنائه واحفاده من عتمة الليل, كان شهما ذا مروءة لا يرضى بالظلم والبهتان.
في احدى ليالي صيف 1987 كنت ذاهبا الى بيت العم المرحوم محسن بن دغيم وكنت اسير في الشارع قبل صلاة الفجر وكانت حياة المراهقة تتسلل الى نفسي ثارة وتذهب ثارة اخرى.

وعندما رآني وهو متجه للمسجد قال لي: يا ولدي الصلاة الصلاة. فعلا كان هكذا محافظا على الصلاة مسارعا لعمل الخير. رحل “بومناور” بعد حياة حافلة بالطيب والمرجلة لكن ذكراه باقية وعلومه الطيبة دائما على الزين اتذكر حينما توفيت احدى بناته, رحمها الله, في حادث سير ذهبت لتقديم واجب العزاء فوجدته مؤمنا صابرا محتسبا عند الله في هذا المصاب الجلل لانه يعرف أننا مجرد ضيوف في هذه الحياة الفانية.

لقد عانق “بومناور” جيرانه في الرقة على مدى اكثر من عشرين عاما على الحب والخير وجمعه عمق المحبة مع جيران جدد في صباح الناصر واشبيلية فظل على نفس النهج وسار عليه ولم يتغير.
هكذا هو قدرنا وقدر هذه الاجيال التي لم تدرك تلك المراحل بحلوها ومرها وبساطتها وزمنها الجميل رحم الله العم بومناور” واسكنه فسيح جناته.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك