رسالة لدول مجلس التعاون الخليجي .. يكتبها أنور الرشيد

 

في عام 2006 كتبت مقال بعد زيارة لي لعاصمتي اليمن السعيد سابقاً صنعاء وعدن ، واطلعت بها على البؤس الواضح الذي لا تخطئه عين أي مراقب ، وكان المقال بعنوان اليمن في قلب الخليج (يمكن الرجوع لها عبر الانترنت) وطالبت بها أن تلتفت دول الخليج لليمن على اعتباره أنه عمق استراتيجي للجزيرة العربية برمتها ، وأن من غير المعقول أن تكون بهذه الجزيرة أفقر دولة في العالم وشمالها أغنى دول العالم ، وهذا الوضع بهذه المعادلة يتذر بكارثة ستقع لا محالة، ورغم ذلك تركت دول الخليج اليمن بشعبيه الشمالي والجنوبي يأن تحت وطأة الفقر والفساد السياسي والاقتصادي حتى وقعت الكارثة التي يعيشها شعبي اليمن اليوم ، مع الأسف وقع ما كنت قد توقعته وحذرت منه ولازلت أصر على تدخل دول الخليج في أزمة اليمن ، فاليمن به سلاح كل ثلاث قطع لمواطن يعني به أكثر من ستين مليون قطعة سلاح لمختلف الأصناف الخفيفة والثقيل منها ، وعليه فأن أزمة اليمن من المؤكد لن تقف على أسوار صنعاء لا بل ستمتد بأي شكل من الأشكال لبقية دول الجزيرة سواء على شكل إرهاب عابر للحدود نتيجة لعدم الاستقرار، أو على شكل لاجئين هرباً من القتال ، وفي كلا الحالتين ستتكلف دول الخليج أضعاف الأضعاف فيما لو أنها تدخلت وبسطت الأمن والسلم في اليمن.

الجنوب اشتعل على أثر أحداث صنعاء وشعبه يُطالب منذ سنوات بحقه في أرضه التي سلمها طواعية بحسن نية صادقة للوحدة ، ولكن بعد تمكن نظام المخلوع من السيطرة التامة على الجنوب نكث بوعده واستحل أرض وثروات الجنوب وارجع شعبه لحالة من الفقر والعوز ما لا يصدقه أي مراقب إلا أذا زار الجنوب واطلع بنفسه على الأحوال التي آلت أليه الأوضاع.

في زيارة لي لعدن بدعوة كريمة من جامعة عدن للمشاركة بمؤتمر ، التقيت بثلة ونخبة من أبناء الجنوب ودار بيننا حديث خرجت به بانطباع غاية بالسوداوية خصوصا عندما سمعت من أكاديميين وقضاة ومحاربين قدماء منهم من حارب الاستعمار البريطاني يقولون بأنهم يتمنون عودة الاستعمار البريطاني لينتشلهم من وضعهم المزي الذي وصلوا له ، أي نعم هكذا هو وضعهم وهذه كانت أمنيتهم بعد الوحدة المشئومة.

اليوم شعب الجنوب ثار بعد سلسلة طويلة من الأعتصامات السلمية التي تُعتبر أطول اعتصامات التاريخ البشرية ، ولكن ووفق متابعتي فقد بدأت تلك الأعتصامات تتحول لاشتباكات وسماع أزيز الرصاص يتطاير يمنة ويسرى لا تخطئه الأذن ولا العين  ، وها هي اليوم ردفان تخرج عن السيطرة وتحتكم للسلاح وبدأت المعونات تتوافد لها بعد أن حقق مقاتلو الجنوب نجاحهم الأول بالسيطرة على احد المعسكرات مما يؤكد بأن هذه المعركة ستمتد لبقية المعسكرات والمفاصل الأمنية ، وأنا هنا من موقعي كمتابع وكمواطن خليجي أقول لدول الخليج لأزل في الوقت مُتسع حقيقة لتدخلكم وأطالبكم اليوم قبل الغد بالتدخل قبل أن تنفلت الأمور بشكل لا يمكن السيطرة عليها ، فالجنوب اليوم هو بأمس الحاجة لدعم دول الخليج وتخلي دول الخليج عن مساعدة الجنوب ستزيد الأمور تعقيداً في المستقبل المنظور وستُصبح كلفة الاحتواء أكبر فيما لو أنكم تدخلتم مبكرا لاحتواء الأزمة التي ولدت من أزمة اليمن.

وأخيرا أُأكد على أني ليس من طلاب الانفصال والتشرذم في أي دولة عربية وإنما لا وحدة بالقوة ، وهذا هو مطلب شعب الجنوب وأنا انقله كما كلفوني به ، والقرار قرارهم مثل ما هو قرارهم بالوحدة ، فهم أصحاب الحق بتقرير مصيرهم سواء في الإبقاء على الوحدة أو عودة الوضع على ما هو عليه قبل الوحدة.

فهل تصل هذه الرسالة لدول الخليج؟

أرجو ذلك.