لماذا لا يزال البطش ملازماً لنا في عالم اليوم؟!.. خالد الجنفاوي متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 461 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  'البطش' في الحياة العربية

د. خالد عايد الجنفاوي

 

تنتقد بعض الكتابات الغربية رواج سلوكيات وتصرفات القوة والبطش والعنف في المجتمع العربي التقليدي, اذ وفق رأي الكثير من المراقبين لما يحدث في الحياة العربية النمطية لا يزال مبدأ التعامل بقسوة وشدة مع الاخرين عنواناً لكثير من التعاملات والعلاقات الاجتماعية والثقافية والسياسية, وإذا افترضنا جدلاً صحة هذا التصور الغربي السلبي حول الحياة العربية, فما الذي أدى بنا الى هذه الحالة السلبية? ولماذا لا يزال البطش ملازماً لنا في عالم اليوم حتى يبدو أنه أصبحت أول ردة الفعل تجاه أي موقف يحدث في الحياة العربية التقليدية تتجه مباشرة وبرعونة طائشة نحو ممارسة الشدة والقسوة وربما البطش بعض الاحيان مع أن أخلاقياتنا العربية الأصيلة وديننا الحنيف يدعواننا إلى التعامل الرقيق مع المخالفين والمختلفين ومخاطبتهم بالتي هي أحسن?
أعتقد أن المشكلة الرئيسية حول ظاهرة البطش اللفظي والبدني في الحياة اليومية تنبع من موقف الفرد العربي العادي ونشأته الاجتماعية, فتترسخ في بعض الأسر مبادئ الشدة والبطش ضد الاخرين منذ نعومة الأظفار, فهذا وفق هذا الزعم السلوكي المتناقض الاسلوب الأنجح للحصول على الحقوق أو لإثبات المكانة الاجتماعية أو حتى لأحراز التفوق الرياضي!
لا يمكن إنكار انتشار سلوكيات وتصرفات العنف والبطش في بعض سياقات البيئة العربية التقليدية وبخاصة أثناء مرحلة الطفولة حيث تغلب طرق التربية الاسرية القاسية, فالأخ مثلا حتى لو كان الأصغر عمراً يُحقن مبكراً بعقار التفوق الذهني والجسدي الذكوري على الجنس الاخر , فهو الأقوى وعليه لسع والبطش بالآخرين ما دام يستطيع ذلك لكي تتحقق رجولته المتخيلة! التنشئة العربية التقليدية في القرن الواحد والعشرين لا تزال تقلل من قيمة الحديث اللين وتشدد بدلا عن ذلك على إبراز قوة شخصية الذكر وتحديد سماته الاساسية الاجتماعية المقبولة بحرصه على إبراز قدراته على استعمال العنف اللفظي والقوة الجسدية حتى لو كانت غير ضرورية لحل المشكلات اليومية.
سلوكيات وتصرفات القوة والبطش والرغبة في قهر الآخر والتفوق عليهم جسدياً وفكرياً وربما كبت حريته والتقليل من أهميته كإنسان لا تزال رائجة في بعض البيئات الأسرية الرجعية, ولن تختفي هذه الامور اليوم او غداً او بعد غد ما لم يبدأ الفرد الحر يعيش وباختياره حياة انسانية يملؤها الامل والعمل البناء والسعادة والطمأنينة والحرية والثقة والإيمان بأن العنف والبطش أساليب فاشلة وانهزامية تُظهر الانسان وحشاً كاسراً فقط لا غير!

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك