فقدان الأخلاق مشكلتنا!.. وائل الحساوي مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 1035 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  مشكلتنا هي فقدان الأخلاق!

د. وائل الحساوي

 

لو دققت في أغلب مشاكلنا الاجتماعية لوجدت بأنها لأسباب أخلاقية، فقد انتشرت فينا أخلاقيات غريبة لم تكن في الاجيال التي سبقتنا وزادت من تعقيدات الحياة وصعوبة التعايش بين الناس، فالتنافس القاتل على امور الحياة وشهواتها والحسد بين الناس على كل شيء، وضيق الافق من الآخرين والرغبة في الاستحواذ على ما لديهم، وعادات اخرى!

وفي ظل انتشار مواقع الاتصال الاجتماعي بهذا الشكل الكبير وسهولة التعامل معها فقد اصبح الخوض في القضايا التافهة والصور المثيرة ومقاطع الفيديو هو دأب الغالبية العظمى من الناس لدرجة ان الكثيرين قد جعلوا ديدنهم البحث عن الصور المثيرة وبثها من خلال تلك المواقع ما جعل الخصوصية في حياة الناس مهدرة وجعل كشف الاسرار وهتك الاعراض سهلا ومتاحا لمن اراد!

كثير من الناس يحبون الستر ويبتعدون عن مواطن الشهرة ولسان حالهم يقول: (ونفس تنجيها خير من امارة لا تحصيها) ولكن مع ذلك فإنهم يفاجأون بمن يلاحقهم في بيوتهم ومنتدياتهم ليكشف استارهم ويهتك اسرارهم، حتى وان كان ما يقولونه كذبا.

وللأسف ان نسبة من المتدينين قد جعل دأبه في تسليط السهام على خلق الله والتشهير بهم بحجة النهي عن المنكر، ولو تتبعت سيرة حياته لوجدته لا يقيم من دين الله إلا اقل القليل بل يوغل في الغيبة وفي السب والطعن في خلق الله متناسيا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عواراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته».

وللاسف انك قد ترى اسمك منشورا في شبكة الانترنت او على الواتس اب، وينسبون اليك افعالا لم تقم بها أواقوالا لم تقلها، دون ان يكلف ذلك المشهِّر بك نفسه بالتحقق منها او توجيه النصح المباشر لك قبل التشهير بك!

بل قد التقيت ببعض من يرفعون رايات الدعوة الاسلامية فوجدت بأنهم يتلذذون بتمزيق سمعة الناس والطعن بالعلماء بحجة وقوعهم ببعض الاخطاء والزلات، واذا ما حاولت الذب عن هؤلاء العلماء وبيان بعض محاسنهم وجدتهم يذمونك ويتهمونك بالخيانة او بالجهل بالدين! فالاصل عندهم هو ان المتهم مذنب حتى تثبت براءته!

ان واقعنا الاجتماعي مرير بسبب انتشار هؤلاء البشر الذين تجردوا من الاخلاق وجعلوا همهم ملاحقة من يعتقدون بأنهم منحرفون وقد تربى جيل من الشباب على هذه الافكار المريضة واصبح سوء الظن هو ديدنهم، لدرجة انهم قد كفروا بكل القيم والاخلاق وشككوا في مرجعية العلماء والمربين ونفروا الجميع منهم!

يقول الشاعر محمد مصطفى حمام:

امعن الناس في مخادعة النفس

وضلوا بصائر وعقولا

عبدوا الجاه والنضار

وعينا من عيون المها وخدا اسيلا

لا يريدون اجلا من ثواب الله

ان الانسان كان عجولا

فتنة عمت المدينة والقرية

ولم تعف فتية او كهولا

واذا ما انبريت للوعظ قالوا

لست ربا ولا بعثت رسولا

اكثر الناس يحكمون على الورى

وهيهات ان يكونوا عدولا

فلكم لقبوا البخيل كريما

ولكم لقبوا الكريم بخيلا

ولكم اعطوا الملح فاغنوا

ولكم اهملوا العفيف الخجولا

رب عذراء حرة وصموها

وبغي قد صوروها بتولا

وقطيع اليدين ظلما

ولص اشبع الناس كفه تقبيلا

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك