إيران اليوم وسط أربع مشاكل وأزمات!.. هكذا يعتقد خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1124 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  إيران.. وسط المشاكل والأزمات

خليل علي حيدر

 

أيهما أخطر على المنطقة العربية «ايران الاسلامية» أم «دولة داعش الاسلامية»؟ بصراحة، يقول وزير الاعلام الأردني الأسبق صالح القلاب: «ايران أخطر من داعش ألف مرة»! ويضيف: «ان هذا التنظيم الارهابي الذي تجاوز كل الحدود في جرائمه.. هو مجرد مجموعة صغيرة بالامكان محاصرتها والقضاء عليها في النهاية. أما بالنسبة لايران فان الأمور أكثر تعقيداً وأكثر خطورة، فهي أصبحت عملياً تهيمن على أربع دول عربية، العراق وسورية ولبنان واليمن». (الشرق الأوسط 2015/3/5(.
ان هيمنة ايران على العراق قد تكون كذلك الأخطر في تحليل مراسلة الشرق الأوسط «منى علمي»، التي تقول ان «مع موارد العراق الشاسعة، تبقى الميليشيات العراقية الشيعية أغنى بكثير من نسخة حزب الله اللبناني». (2015/3/2).
ايران في صراع مرير مع السعودية ودول الخليج ودول عربية أخرى، في دعمها للنظام السوري على امتداد أربع سنين ومئات الآلاف من الضحايا، على الرغم من استياء كل عقلاء ايران والشيعة، الذين يذكرون جيداً ويعرفون ان معظم الارهابيين الذين قدموا الى العراق بعد عام 2003 وقتلوا آلافا مؤلفة من الشيعة كانوا يتجمعون في سورية ويتدربون في اللاذقية وتسهل لهم سبل اختراق الحدود العراقية، وكان باستطاعة ايران ان تضغط على سورية ولكنها لم تفعل، لأن ايران كانت مثل سورية في خوف شديد من نجاح تجربة العراق بعد سقوط صدام.
«ايران على الجبهات السعودية»، يقول الاعلامي البارز عبدالرحمن الراشد ويضيف: «سبق ان التقت الرياض وطهران في أعقاب مواجهة غزو صدام حسين للكويت، وعُقد اتفاق مصالحة في زمن الرئيس الايراني «هاشمي رفسنجاني»، وبالفعل انتهت التوترات بما فيها المعارضة والاختلافات السياسية. لكن المصالحة لم تدم أكثر من خمس سنوات حتى اكتشف السعوديون ان الجار الايراني لم يكف عن نشاطه التصديري، لذا أعيدت المصالحة الى الثلاجة. ايران الآن في حالة هجوم لا مثيل لها في تاريخنا المعاصر. أما لماذا نطلب من ايران ان تتوقف وليست السعودية، فالسبب هو ان نظام طهران دائماً في حالة هجوم والرياض في حالة دفاع» (نفس المرجع).
ايران اليوم، للأسف الشديد، وسط أربع مشاكل وأزمات لم تُفرض واحدة منها عليها، ولا مصلحة للشعب الايراني أو عموم الشيعة في ايران وخارجها.. في أي منها!.
-1 التدخل في شؤون العالم العربي بوسائل غير دبلوماسية ومن دون مراعاة للأعراف الدولية. وأبرز مثال خلق «حزب الله» في لبنان ودعمه سياسياً ضد بقية الشيعة في لبنان وضد كافة الأقليات وضد من يعارض الحزب، وتزويد «حزب الله» بالسلاح واقحامه في الحرب ضد الشعب السوري وقواه السياسية وهناك سياسات مماثلة في العراق على نطاق اوسع، لا يعلم احد الام تنتهي، وبالطبع، لا مصلحة للايرانيين في تبديد ثرواتهم وتدمير سمعتهم السياسية وتخريب علاقاتهم وفرص عملهم في الدول الخليجية وغيرها لمجرد ان بلادهم تتبع سياسات لم يوافقوا عليها وليس لهم حتى حق الاعتراض عليها.
-2 السياسة النووية ومشاكل تخصيب اليورانيوم، على الرغم من اقرار العالم بحق ايران مثل غيرها في الاستفادة من الاستخدام السلمي المفيد للطاقة الذرية، ولكن ما يخيف دول المنطقة والعالم الخارجي من هذه السياسة انها مرتبطة بتوجهات مثيرة للريبة والخوف في مجال تطوير الاسلحة الصاروخية والاعلام الراديكالي مما يضاعف عزلة ايران، الى جانب الهدر المالي الذي لا يجرؤ احد داخل ايران على الاعتراض عليه.
-3 اتباع ايران منذ ثلاثين عاما ونيف سياسة معادية للولايات المتحدة والدول الغربية من دون مبرر مفهوم ومن دون ان تنجح حتى في اقناع شعبها وجيرانها بمثل هذه السياسة، ومن حق ايران ان تتفق وان تختلف مع من تشاء، ولكن الا يعني استمرار مثل هذه السياسة ايا من معاني الفشل في السياسة الخارجية لايران؟ وما الذي جناه الشعب الايراني من مثل هذه السياسة سوى الفقر والحصار والعزلة وتدهور العملة وصعوبة الحصول على اي تأشيرة او فرص العمل في اي مكان؟ ويقدر البعض ان عوائد ايران المجمدة في مصارف آسيا وحدها تبلغ 130 مليار دولار، وتضيف مقالة في صحيفة فرنسية عن ادارة اوباما الامريكية، «عودة مليار دولار في الشهر من كوريا الجنوبية عن طريق سلطنة عمان، ويقول تاجر ورجال اعمال ان حقائب تحوي الواحدة منها 50 مليون دولار، يتسلمها موظفو المصرف المركزي الايراني بمطار طهران قبل بلوغها الجمرك وينقلونها الى خزائن المصرف» (الحياة 2015/3/4).
ربما كانت حكاية الحقائب هذه مجرد مبالغة اعلامية لا اساس لها، ولكن ما هو محتمل واكيد ان هذا المبلغ وكل المبالغ المجمدة لن تثري ايران او تسعد شعبها ما لم تنفتح البلاد للاقتصاد الحديث وتدار شؤونها بنفس الشفافية التي يدار بها اقتصاد كوريا الجنوبية وبقية دول العالم.
-4 لا يفهم احد لماذا تصر ايران على اعتبار نفسها صاحبة القرار في الشأن الفلسطيني! فالفلسطينيون شعب له قيادة ومصالح ورؤى واستراتيجية وتوازنات، وللقضية علاقات وثيقة وروابط محكمة بالعالم العربي وبمصالح لا تتحكم بها ايران ولا تستطيع ان تهيمن عليها، وقد رأينا جميعاً كيف ان الفلسطينيين انحازوا للدور التركي بعد القليل جداً من عبارات الغزل السياسي! فلماذا تحمل ايران سُلم المستحيل بالعرض، وترفض كل الحلول، وتصطدم بكل محاولات التفاهم، وتشجع تنظيم حماس وكيان غزة على ما هو صعب وغالي الثمن؟ 
لماذا تضع ايران نفسها وسط كل هذه المشاكل والازمات و«الجار والمجرور» ولماذا يجد الشعب الايراني نفسه، شيعة وسنة، يخرج من دائرة مغلقة ليدخل في اخرى، وتتحسن فرصه المعيشية في مجال كي تتدهور في ثانية؟!
الكثيرون يشيدون بحنكة السياسة الايرانية وصبر قيادتها وذكاء مخططيها وطول نفسها مع خصومها ومنافسيها، وقد تكون هذه «الخصال الحميدة» كلها حقيقية.. ولكن ما الذي استفاده الايرانيون منها؟ وما جوانب الراحة والثراء والتقدم التي جنوها في حياتهم اليومية من كل هذه العقود الثلاثة من العزلة والانغلاق ومعاداة الجيران والمجتمع الدولي لهم.. منذ 1979؟!
ان الامريكيين كما قال احد المحللين في محطة CNN: «لا يصدقون وجهة نظر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تساوي بين داعش وايران، ولو كانت ايران مثل داعش لما كان هناك عشرون الف يهودي يعيشون في ايران ولديهم 11 كنيسا» (القبس 2015/3/10).
ولكن حتى لو لم نصدق كل المتشددين في نقد ايران والتشهير بها فكيف لنا ان نفهم تصريح مستشار الرئيس روحاني للشؤون الدينية والاقليات السيد «علي يونسي» حول العراق، وقد نشر في التاريخ نفسه يقول: «العراق ليس جزءاً من نفوذنا الثقافي فحسب، بل من هويتنا.. وهو عاصمتنا اليوم.. وهذا امر لا يمكن الرجوع عنه، لان العلاقات الجغرافية والثقافية القائمة غير قابلة للالقاء»؟.
هل اطلاق مثل هذه التصريحات «الامبراطورية» المدمرة، بعض تجليات الحنكة السياسية نفسها؟
مرة اخرى: ماذا يستفيد الشعب الايراني من مثل هذا التصريح؟ وكيف يفهمه العرب؟

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك