نعيش مرحلة التخلص من كل شيء حتى أنفسنا!.. فهيد البصيري مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 387 مشاهدات 0


الراي

حديث الأيام  /  المُخلص!

د. فهيد البصيري

 

ما يمر فيه العالم العربي اليوم هي مرحلة عانت منها شعوب العالم من مشرق الأرض إلى مغربها وحصدت هذه المرحلة مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء وغير الأبرياء، ولكنها خرجت منها بنتائج عظيمة مازالت تعيش عليها حتى اليوم ومع ذلك ستكون الحروب الأهلية العربية أكثر دموية وأطول زمنيا، وأتمنى ألا نخرج منها بخيبة كبيرة كعادتنا في التجارب السابقة.

والحكاية بدأت مع بزوغ العقل العربي وخروج المستعمر المستبد -كما نسميه في أدبياتنا- من العالم العربي، وقد حاول هذا المستعمر المستبد طبعا أن يوفر علينا المرور في المرحلة التي مر بها، فخلق لنا نوعا من الديموقراطية، ولكن (على قدنا) أي بشكل بدائي بسيط، وكان معذورا فنحن قد نموت بجرعة ديموقراطية زائدة لو نقلها بالكامل إلينا، والمهم أنه ترك هذه البذرة على أمل أن نقوم نحن (والعياذ بالله ) بتطويرها وتحسينها، فقمنا مشكورين برمي كل مخلفات الاستعمار بما فيها الديموقراطية وإلى مزبلة التاريخ، لأننا أول من اخترع علوم الفلك والكتابة والزبالة في العالم، المهم أننا تحررنا منها وقلنا والله لا يصلح شأننا ولا يقيم حالنا إلا صلاح الدين، وهكذا هدمنا البناء الهش للديمقراطية الوليدة ورحنا نبحث عن أي قائد كصلاح الدين أو أي صالح لنسير خلفه!

ومن تقدير العزيز الحكيم لم تنجح عملية الاستنساخ لأن الأخ صلاح نسخة غير أصلية يعني (كوبي)، وقد كبى وقلب الدنيا على رؤوسنا، ومع ذلك لم نقتنع وقلنا لا بد أن المشكلة فينا، فنحن لم نحسن الاختيار، وصممنا على تكملة المهمة المستحيلة، والبحث عن صلاح الدين ولو كان في الصين.

ولكن الفكرة لم تعجب الجميع فمنهم من يرى أن صلاح الدين لا يصلح لقيادة الأمة وبما أننا في مرحلة البحث فيجب بالمرة أن نبحث عن خليفة للمسلمين ونكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد ونحصل على قائد وخليفة لزوم البيعة!

ومع أن البحث عن خليفة جعل الأمر أكثر صعوبة واستحالة، إلا أن هناك من لا يريد أي خليفة أو (حيا الله) خليفة، فليس كل خليفة خليفة، وإنما يجب أن يكون الخليفة إماما، وتطور الأمر حتى قيل وليس كل إمام إماما.

المهم أن جهابذة وأساتذة العالم العربي من المحيط إلى الخليج، تركوا كل نظريات الدنيا وتجارب العلم الحديث في إدارة الدولة وبنائها، وراحوا يبحثون عن الشخص المنتظر في كتب التراث التاريخية، فلما وجدوه، وجدوا أنه يدعو قبل كل شيء إلى الخلاص من كل شيء، فما كان منهم إلا أن بدأوا بالتخلص من بعضهم، ونحن اليوم نعيش مرحلة التخلص من كل شيء حتى من أنفسنا.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك