المال.. فكك أسر، وهدم علاقات وطيدة

محليات وبرلمان

1739 مشاهدات 0


يقول الحق تعالى في سورة الكهف {{المال والبنون زينة الحياة الدنيا}} وسنسلط الضوء بتقريرنا هذا على المال الذي لا شك أنه نعمة عظيمة ولكنه قد يتحول الى نقمة متى ما استغل بغير موضعه، فكم من القضايا التي تعج بها المحاكم كان المال سببا رئيسياً بنشوبها، وكم من العلاقات انتهت وتحولت الى صراع بسببه.
لم تعد الناس تتعجب حينما ترى أب يخاصم ابنه، وأخ لا يحدث أخيه، وزوجة تطلقت وأبناء تشردوا بسبب خلافات مالية، هذا على المستوى الأسري، أما على صعيد العلاقات، فهناك كثيرون خسروا أقرب المقربين لهم على بضعة ألاف من الدنانير، ولا نبالغ حين نشير الى حروب اندلعت بين دول بسبب المال والتاريخ خير شاهد.
السؤال ماهو الحل الأمثل كي يتجنب المرء الوقوع بمثل هذه المصائب؟! الحل يكمن بالعدل ومراعاة الله سبحانه وتعالى بكل درهم ينفقه، وفي شريعتنا السمحاء خير طرق الرشاد لانفاق المال، وحقوق الجميع محفوظة، ففي الميراث قال المولى عز وجل في سورة النساء {{ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ(12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) }}.
أما عن مال اليتامى والزوجات فيقول الحق تعالى في سورة النساء الآية {{2 وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا 3 وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ 4 وَآتُواْ النِّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا 5 وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا 6 وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا 7 لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا 8 وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا 9 وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا 10  إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}}. تحذير من الحق جل وعلى ومنهج حياة يفصل كيفية توزيع الحقوق وحفظها ويجنب من يلزمها عذابا شديدا.
أما على مستوى العلاقات فلا حرج من الدين ولكن يجب على الانسان أن يرجع الحقوق لأصحابها كاملة غير منقوصة، فمن وقف معك بالعسر يجب أن تبادله الاحسان فور ما تفرج كربتك، اما التأجيل والمماطلة وأحيانا الهروب من ارجاع الحق لأصحابه فسيكبدك الويل بالدنيا والآخرة.
كما أن الثراء المفاجئ سيثير الشكوك والظنون لدى عائلتك ومعارفك ويجب أن يعرف من حولك مصدر أموالك كي تطمئن نفوسهم، أما من حباه الله بالمال ورزقه بهذه النعمة فعليه أن يشكره على هذه النعمة ولا ينسى الفقراء والمساكين.
واعلم ان الذى تتصدق به هو الذى سيبقى لك فى ميزان أعمالك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللـه بقلب سليم .
واسمع لقول المصطفى صل الله عليه وسلم وهو يقول كما فى صحيح مسلم من حديث ابى هريرة قال : ((أيها الناس إن اللـه طيب لا يقبل إلا طيب وإن اللـه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [ المؤمنون : 51]
وقال تعالى للمؤمنين : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }[ البقرة : 172 ] ، وقال : { يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا } [المؤمنون : 51 ] ، وقال : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [ البقرة : 172 ] ، ثم ذكر ((الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يَمُدُّ يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام - وفى رواية (وملبسه حرام ) - وغُذِى بالحرام فَأَنَّى يُستَجَاب لذلك)) ([6]) .
أنى يستجاب لمن أكل الحرام ، أنى يستجاب لمن شرب الحرام أنى يستجاب لمن غذى أولاده بالحرام ، إننا نرى الآن تهاوناً مروعاً فى الأكل الطيب الحلال فنرى الرجل لا هم له إلا جمع المال ، من أى سبيل كان حتى لو كان حرام حتى لو كان من الربا حتى لو كان من أموال الناس بالباطل المهم ان يكتنز المال ، ومع ذلك لن يخرج من الدنيا بدرهم أو دينار:

يقول الشاعر:

النفس تجزع أن تكـــون فقيرة
والفقر خير مـن غنــاً يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت
فجميع ما فى الأرض لا يكفيهـا
هــى القناعـة فالزمهــا تكن
ملكا لو لم تكن لك إلا راحة البدن
وانظـر لمن ملك الدنيا بأجمعهـا
هل راح منها بغير الطيب والكفن

الآن - تقرير

تعليقات

اكتب تعليقك