المعالجة العادلة للفساد لا تعرف الخطوط الحمراء!.. برأي تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 970 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  /  بيئة التجاوزات المرتكبة؟

د. تركي العازمي

 

«الأموال العامة» حرمة تجاوزها يعاقب عليها القانون الكويتي، ودراسة التجاوزات على المال العام تبدأ من القضاء على ما نسميها باللغة الدارجة «شخبطة» إدارية وقيادية هي المفتاح للقضاء على كل التجاوزات حيث بات تعيين الأقرباء والأصدقاء والمتقاعدين وخلافه من التجاوزات بما فيها تعيين القياديين سمة تميز مجتمعنا ولو أنها متبعة في بعض المجتمعات إلا إنها هناك في الغالب تأتي على هيئة تزكية لاختيار الأفضل!

البحث في بيئة التجاوزات المرتكبة هنا في الكويت فتح المجال له بعض النواب وبعض الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي منذ سنوات وهي كبيئة عمل أضحت تسطر صورا عن معالم الفساد الذي من خلاله ضاعت مصالح البلد والعباد.

يعلم بعض النواب أن التعيينات في الكويت تتبع وسيلة «الواسطة»، والتجاوزات لم ولن تحصل لولا أن هناك رعاة لها ولم تجد لها من رادع حتى أصبحت جزءاً من الثقافة الكويتية في العمل والعمل التجاري.

لو أن المسألة محصورة في تجاوزات بعينها كما يعتقد البعض... لكن تصنيف التجاوزات تعدى حد المليون والعشرة والمائة إلى أن بلغ تجاوزا لمراسيم أميرية ناهيك عن التجاوزات الأخلاقية!

خذ على سبيل المثال حديث وزير التربية والتعليم العالي د. بدر العيسى حول مستوى الجامعات الخاصة المتدني وقد نشر لبعض الزملاء مقالات عن الكيفية التي تدار فيها تعيينات أعضاء هيئة التدريس التي فيها تجاوز لمرسوم إنشاء الجامعات الخاصة!

وخذ على سبيل المثال أيضا أسماء قياديي الجامعات الخاصة وبعض الشركات الأخرى... ستجد أنه في الغالب ما يكونون قياديين سابقين في الحكومة... ومنطقيا يفترض أن يكونوا أكثر حرصا على المال العام والامتثال للقوانين والمراسيم يأتي في مقدمة اهتمامهم لكن واقع الحال يشير إلى العكس.

أعلم أن البعض سيتصل بي بعد نشر هذا المقال معاتبا لكن ما جبلت عليه وأنا متخصص في القيادة الأخلاقية يجعلني متمسكا بقول الحق ولو على نفسي.

تعلمت الشفافية ودرست القيم الأخلاقية قياديا وإداريا وأعلم أن مصير كل فرد منا الموت ومواجهة الحساب أمام رب العباد حيث لا تنفع واسطة ولا مصلحة، وبالتالي نحن مساءلون أفرادا كنا أم أعضاء مجلس أمة تجاه صور الفساد التي نواجهها، والتي يعد السكوت عنها جريمة أخلاقية في المقام الأول.

لقد طالبت في مقالات سابقة بضرورة بسط مبدأ الشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص وغيره من الممارسات التي من شأنها القضاء على كل أوجه الفساد لكن يبدو أنني أخطأت التقدير حيث لم نجد إلى هذه الساعة من قال لرموز الفساد يكفي عبثا في الأموال العامة ويكفي الإقصاء الذي يعاني منه الكفاءات ويكفي البحث على استحياء عن رموز الفساد!

إنها مسألة مبدأ صريح وواضح حيث لا يعقل أن نتحدث عن جانب من جوانب الفساد ونترك الجوانب الأخرى وغير معقول أن تنتهي محاسبة قيادي أسرف في تجاوزاته بتقديم الاستقالة!

هذا ليس من المعالجة العادلة بشيء.. وليت الفحوص لحالات التجاوزات على المال العام والتجاوزات في التعيين وخلافه تكون مبنية على نية المعالجة الصادقة العادلة من دون استثناء لأن المعالجة العادلة لا تعرف خطوطا حمراء والكل سواسية أمام القانون وحرمته.

مما تقدم نطالب النواب الكرام الحاليين والسابقين وكل فرد تقع على عاتقه مسؤولية حماية المال العام ألا يقف عند هذا الحد ويا حبذا لو قام مجلس الأمة بالتنسيق مع الحكومة بتكوين فريق عمل محايد مهمته استقبال حالات البلاغ عن التجاوزات المالية والإدارية مع التأكيد على حماية المبلغ عنها ومن ثم اتخاذ اللازم عن طريق توجيه أسئلة أو تحويلها لهيئة مكافحة الفساد والتأكد من وجود المحاسبة العادلة لمرتكبي تلك التجاوزات وقد يكون هذا التوجه حلما يصعب تحقيقه لكن هذا ما نراه والحكومة والمجلس «أبخص» والله المستعان!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك