الإسلام يُواجه الدولة الدينية لا الدولة الديمقراطية! يكتب صالح المزيد

زاوية الكتاب

كتب صالح المزيد 842 مشاهدات 0


الدولة الدينية وما تسمى سياسياً بـ 'الثيوقراطية' هي التي يقودها أُناس يكونوا هُم أصل التشريع بحجة أنهم يتواصلون مع الإله ﷻ وتتنزل عليهم الأحكام، وعلى المجمتع ان ينصاع لهم اطراً وقسراً، وان تغيرت الأحكام لأهواهم فعلى المجتمع السمع والطاعة المطلقة، كما هو الحال مثلاً في دولة إيران والفاتيكان!، وفي هذهِ الدولة يكون المجتمع عبداً للرهبان والأحبار من دون الله!

فالإسلام أتى ليحطم هذهِ الدولة الطاغية التي تستعبد الناس، فكَسر دولة فارس ودولة الروم وحرر الإنسان من هذهِ الأغلال ليكون المشرع هو الله ﷻ، والقرآن الكريم والسنة النبوية هما أصل التشريع، فلا رهبار ولا أحبار ولا عبادة لطاغية!، ويكون الدين كله لله سبحانه وتعالى، وجعل الحُكم شورى بين المسلمين لا قهر ولا إجبار، واطلق الحريات وحدد نطاقها، وجعل الأُمة هي صاحبة السيادة ولها القوامة، والحاكم أجير عندها لا إله أو سيد يحُكم عبيده، وقرار الأمة يكون بالأغلبية، مع اعطاء حق الأقلية بإبداء الرأي والأعتراض كما حصل في بيعة الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم لاسيما بيعة ابو بكر الصديق رضي الله عنه في السقيفة!

إذاً .. الإسلام يواجه الثيوقراطية ولكن هل يواجه الديمقراطية؟!

الديمقراطية هي نظام حُكم اطلقه الفيلسوف ارسطو منذ اكثر من ٣٠٠ عام قبل الميلاد تقريباً، وتطور هذا النظام الى شكله المشهود، ففيه فصل السلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية، وفيه حرية الرأي والتعبير، وفيه قرار الاغلبية وهو الحَكَم مع احترام رأي الاقلية، فيه تدوال للسلطة، فيه اقرار حق خصوصية الإنسان وعدم إجباره على شيء طالما لا يؤثر على النظام العام، وان السيادة للشعب وهو من يحكم نفسة 'أي يدير نفسه'، وفيه حق المجتمع في التظاهر والإحتجاج السلمي لمواجهة البغي والظُلم!

فهل الإسلام يواجه الديمقراطية؟ الإجابة وبكل قوة 'لا'!

فالبعض حرم الديمقراطية لأنه خلط بين الديمقراطية كنظام للحُكم وبين الديمقراطية كثقافة وممارسه!

نعم نحنُ مسلمين ولدينا التشريع الرباني القرآن الكريم وسنة رسوله محمد ﷺ وهذا التشريع الإسلامي شمولي لجميع مناكب الحياة دون إستثناء، فالثقافة الديمقراطية 'الغربية' هي من تحلل وتحرم على حسب رأي الأغلبية لأن لا تشريع لديهم يحكمهم في الحياة ومناكبها، بل تشريعهم فَصَلَ الهدف والغاية والأخلاق عن الحياة والإنسان وسادت العلمانية الكافرة وصار الدين عندهم فقط في غرف العبادة!، أما نحنُ ثقافتنا إسلامية ولدينا تشريع رباني هو من يحلل ويحرم فقط!
والديمقراطية كنظام سياسي إجتماعي لا تخالف الإسلام، ففصل السلطات وحرية الرأي والتعبير وتداول السلطة وخصوصية الإنسان ورأي الاغلبية واحترام الاقلية وإن السيادة للشعب وهو من يدير نفسه هي مبادئ من الدين الإسلامي، ومن قرأ سيرة رسولنا محمد ﷺ وسيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم اجمعين يعلم ان الديمقراطية كنظام لا تخالف الإسلام!

فمن حرم الديمقراطية خلط النظام الديمقراطي مع الثقافة الديمقراطية 'الغربية'، وشتان بين الأثنين، أن الحلال والحرام عندنا كمسلمين هو للمشرع الربابي بكتابه وسنة نبيه ﷺ، فلا يمكن ان نحرم ونحلل كما يفعل الغرب العلماني !
ولنتوقف هنا لحظه!!
البعض يحاول ان يجعل الديمقراطية كنظام حراماً لأنهُ صُنع من ديار الكفر!، ان سلمت لذلك .. فهل كل شيء نأخذه من ديار الكفر يعتبر حراما؟، اليس سليمان الفارسي رضي الله عنه نصح رسولناﷺ في غزوة الاحزاب بعمل الخنادق وهذهِ فكرة عسكر بلاد فارس!، اليس عمر ابن الخطاب رضي الله عنه دَوَنَ الدواوين وجند الأجناد  كنظام إداري ومالي وهي فكرة اخذنا من الروم؟، اليس الآن نبعث ابناؤنا يدرسون عند الغرب لمختلف العلوم ليتحقق النفع للأُمة؟ أليس الآن علم الأنظمة العسكرية للدول الإسلامية تؤخذ في غالبها من الغرب؟!

فلماذا عند الديمقراطية كنظام يتوقف عندها البعض! ويقول انها أتت من ديار الكفر، وفي ما عدا ذلك من الأمور التي ذكرتها اعلاه صارت حلالاً ويستقبلها بأهلاً وسهلاً وان أتت من ديار الكفر!!

أنهُ الفكر الدوغماتي الهالك الأصولي المتنطع المنغلق القاصر!
والبعض يروج ان الديمقراطية هي ' حكم الشعب للشعب' وهذا كفر!، يا سادة اذا كانت عند الغرب حكم الشعب للشعب تعني ان الشعب هو المُشرع وهو من يحلل ويحرم!، فهي عندنا كمسلمين تعني إدارة الشعب لنفسه دون ان يحلل ولا يحرم الا بما بينه المشرع وصاحب الحُكم اللهﷻ وما بينه بالقرآن الكريم والسنة النبوية!

فأفتحوا عقولكم وكفى غرق في بحر الجهل !

نعم .. ان الإسلام يواجه الدولة الثيوقراطية لا الدولة الديمقراطيه !

الآن - رأي / صالح المزيد

تعليقات

اكتب تعليقك