قاتلنا بالأمس ليس منا!.. هكذا يعتقد صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 516 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  ليس منا

صالح  الشايجي

 

بالأمس دق الموت أجراسه في بلادي..جاء بنعوشه وقال هيا للطاهرين المصلين.. قد جئتكم بالشهادة التي تبغون.. فترجل الشهداء من أجسادهم.. وأسلموا أرواحهم.. واندسوا في تلك النعوش الطاهرة.. ثم في الأرض الطاهرة.. أرضي.. أرض بلادي.. وبلادي الكويت..

ما حدث أمس الجمعة تاسع رمضان..

لم يكن «انفجارا في مسجد للشيعة في الكويت».. ما حدث كان «انفجارا في مسجد».. ما حدث.. «كان انفجارا في الكويت».. «انفجارا في قلب الكويت»..

كان انفجارا في قلب أمي التي آخت الموت منذ نيف وعشرين عاما.. وفي قلب أبي الذي سبقها الى الموت.. في قلبي أنا وفي قلب ولدي.. في قلوبنا جميعا فردا فردا.. واحدا واحدا.. راكعا ساجدا صائما مصليا.. أو من لم يبلل شفاه بلذة الصوم.. ولم يرطبها بحلاوة الذكر الحكيم.. مؤمنا أو عاصيا أو زنديقا.. من جرح قلب بلادي في جمعة رمضانية..

ليس منا.. لم تجرح حبال الغوص يدي أبيه.. ولم يسرح أبوه في غنمنا بحثا لها عن كلأ رباني يسد رمقها الذي عجزت فاقة البيوت عن سده.. ولم ينخ جماله في مناخها آتيا بالوبر والصوف والدهن والإقط زاد الصحراء للمدينة..

ليس منا.. لم يدرج في مدارجنا.. ولم يلعب في سوحنا.. وما «تربى» فوق رمالنا البيضاء الباردة..

ما لعب «المقصي».. ولا «دربح درباحته».. ولا لكز بإصبعه «تيلته» لتصقع «تيلة» خصمه..

لم يسمع تراتيل الكويتيين باكر الاستقلال أمام قصر السيف.. «يا بو سالم عطنا سلاح»..

ما جاس أبوه تحت جنح الظلام في الأزقة والسكيك.. يحمي النائمين.. ويرفع سلاحه في وجه من دبر الشر لبلاده الكويت..

لم تخبز أمه خبز التنور في بيتها القديم..

ولم تضئ ظلمة بيتها الموحشة بـ «الكنديري» الشحيح الضوء..

ولم ترقق العجين لتسجيه فوق «التاوة» وصغارها حولها ينتظرون خبز «الرقاق»..

لم «تلفح» بشعرها على أهازيج أعراس الأمس الكويتي.. لم «تزعب» ماء «الخريج»..

ولم تصر ثياب عيالها في «بقشة» فوق رأسها.. ماضية الى البحر.. تسبغ عليها بركة الماء المالح وقد عز الغدير..

لم تخرج من خبائها صبحا والشمس مازالت في سباتها.. لـ «تشخب» ضرع ماعز عجفاء تسألها شحيح لبن لأفواه

تنتظر.. 

ذاك ليس منا..

لا من حضرنا.. ولا من بدونا..

لا من سنتنا.. ولا من شيعتنا..

نحن الكويتيين.. نحن شيعتنا..

ونحن سنتنا.. نحن بدونا.. ونحن حضرنا..

أما قاتلنا بالأمس.. فهو ليس منا..

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك