التصحر الفكري في سياق الإرهاب الإجرامي!.. بقلم خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 449 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  التصحر الفكري والإرهاب

د. خالد عايد الجنفاوي

 

يشير التصحر الفكري في سياق الإرهاب الإجرامي إلى حالة خواء فكري مكتسبة من البيئة المحيطة عندما يتحول عقل أحدهم وبشكل تدريجي إلى صحراء جافة وقاحلة ينتشر فيها التشدد وأحادية التفكير وكراهية الآخر المختلف, وبغض كل ما يدل على تحقيق أو الاستمتاع بالسعادة في الحياة الدنيا. التصحر الفكري يدل أيضاً على كره كل ما هو جميل في الحياة الإنسانية واستبداله بما هو سوداوي وغير متسامح, فالعقل المتصحر يتآكل تلقائياً لعدم قدرته على مواكبة ما يحدث حوله من تطورات سريعة في عالم اليوم, ولأن هذه العقول الجافة بطبعها أو بتطبعها تكره نفسها أولاً وتكره ما يمثل بديلاً ناجحاً عن وجودها التعيس فيميل ذو العقل المتصحر لكراهية كل ما هو مختلف وناحية التدين المتشدد للغاية خوفاً من الاستمتاع بالحياة الدنيا, أو بسبب فشل المتصحر ذهنياً عن رؤية الجانب الآخر والمضيء في الوجود الإنساني. يتميز أصحاب الفكر الجامد بجفافهم الشعوري والعاطفي تجاه اللذة الطبيعية للحياة الدنيا وسعي أغلبية الناس العقلاء والأسوياء نحو الاعمار والتشييد وتطوير المهارات الفردية وممارسة الهوايات الممتعة والمفيدة وشعور الفرد أنه جزء لا يتجزأ من عالمه الإنساني.
يتحول عقل أحدهم إلى صحراء قاحلة إذا كان يعيش في بيئة قاتمة الألوان يكثر فيها الاكفهرار والورع المصطنع والهياط الأخلاقي والتشدد الفكري والديني, فهذا النفر من المتوهمين يعتقدون أنه لا توجد سعادة حقيقية في الحياة الدنيا وأن كل ما حولهم كئيب وهم فقط على صواب والآخرين على خطأ! يصعب أحياناً التعامل بشكل موضوعي مع التفكير الكاره للحياة ويصعب أيضاً غرسه بالتسامح أو إرغام المتطرف على قبول الاختلاف والتعددية, ولكن يبقى الأمل في الإصرار على الاستصلاح الجبري لبعض العقول الجافة والكارهة للحياة. بمعنى آخر, يجب فرض التسامح على القلوب والعقول السوداوية والكئيبة ومحاولة إخراجها ولو غصباً عنها من دائرة كراهية الآخرين المختلفين وإلزامها على قبول ديمقراطية الحياة المعاصرة وجعلها تنساق لمبادئ وقيم وسلوكيات الحضارة والتمدن.
يتصحر عقل أحدهم إذا وجد نفسه محاطاً فقط بأشخاص ظلامي التفكير وكارهين للحياة ومتعنتين تجاه كل ما هو رحب وسعيد ومتسامح, فيزيد التطرف أحياناً في بعض البيئات الأسرية التي ترفض إعتاق رقاب أبنائها وبناتها لكي يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي وحر ومتسامح. أرفض الانصياع لأي فكر جامد يكره الحياة ويرتكز على أيقونات تفكيرية ماضوية لا قيمة لها في عالم القرن الواحد والعشرين.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك