لسنا بحاجة إلى دعوات أخلاقية ومواعظ!.. بنظر وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 468 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  لا نحتاج إلى مواعظ أخلاقية

وليد الرجيب

 

لم تكن كل ردود الأفعال على الجريمة النكراء على مستوى الحدث، لا على مستوى بعض الإجراءات الحكومية التي اتخذت ولا على ردود أفعال القوى السياسية، فهي كانت إما ردود فعل دون تخطيط وتأنٍ، وإما ردود فعل عاطفية لا يمكن أن تضع أساساً لحل جذري.

وقد كان من المفترض تأسيس لجنة أزمات تضم في داخلها أكاديميين ومربين وشخصيات سياسية وشخصيات مستنيرة مثل الأدباء، إضافة إلى العناصر الأمنية، مهمة هذه اللجنة هي وضع حلول علاجية آنية، وأخرى وقائية تعطي الفائدة على المدى البعيد، ومن مهماتها امتصاص الصدمة والبحث في أسباب الجريمة والأجواء التي خلقتها، ووضع حلول عقلانية تؤدي إلى تحصين مجتمعنا من الانزلاق إلى أتون الصراع الطائفي والأعمال الإرهابية.

فمثلاً لماذا لم يتم القبض على من قبض عليهم قبل أن يتم تفجير مسجد الصادق، بما أنهم مرصودون ومراقبون؟ فلو تم ذلك لتجنبنا هذه الجريمة البشعة، ولأنقذنا أرواح أبنائنا من الشهداء، ولماذا لم تعدل المناهج الدراسية التي حذر المثقفون من خطورتها على عقول النشء؟ ولماذا تم الرضوخ لقوى الإسلام السياسي المتشدد، ولمَ لمْ تحسب الحكومة حساباً لمثل هذا اليوم؟

في كل المجتمعات هناك مجسّات من المثقفين والمفكرين والاقتصاديين والأمنيين والسياسيين، يستشرفون مستقبل المجتمع والتحديات والأخطار التي يمكن أن تواجهه، لاتخاذ إجراءات احترازية وقائية قبل حدوثها، ونحن نحتاج إلى لجنة أو فريق عمل للأزمات قبل أن تحدث وبعدها.

أما القوى السياسية التي كان يجب أن تضع يدها على الجرح، فقد ركزت على التحليل العاطفي وليس السياسي العلمي، وكذلك على أسلوب المناشدة مثل مناشدة الحكومة على منع الخطاب الطائفي وبث الكراهية، ورغم ذلك فإن بعض عناصر القوى السياسية لم يلتزم بالوحدة الوطنية، وكتب ما يسيء إلى إحدى الطوائف رغم سخونة وبشاعة هذه الجريمة، والبعض طبعاً وجدها فرصة سانحة للحديث عن الانتخابات النيابية، والبعض الآخر عاد لنغمة موضوع الحوار والمصالحة.

فلا الحكومة على مستوى الحدث ولا القوى السياسية أيضاً، فالجميع يعيش صدمة تشبه صدمة الغزو والاحتلال، عندما شلّت الأزمة الجميع وصدمتهم، فلم يحدث تحليل أو تفكير معمق لما حدث وأسبابه وطرق علاجه، ولم تفكر القوى السياسية ما دورها في ظل احتلال أراضيها وبلدها؟

لسنا بحاجة إلى دعوات أخلاقية ومواعظ، بل نحن بحاجة إلى عمل على أرض الواقع وحلول جذرية، تشمل الثقافة والإعلام والتعليم، وتشمل جوانب سياسية مثل إطلاق الحريات الخاصة والعامة، وتطوير الديموقراطية والعملية الانتخابية، بما يضمن مشاركة حقيقية وفاعلة، على أسس من العدالة والتكافؤ السياسي والاجتماعي.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك