هل أخطأت الحركة الدستورية؟.. عبد العزيز الفضلي يتسائل

زاوية الكتاب

كتب 449 مشاهدات 0

عبد العزيز الفضلي

الراي

رسالتي- هل أخطأت الحركة الدستورية؟

عبدالعزيز الفضلي

 

تعرضت الحركة الدستورية الإسلامية في الكويت لهجوم من أطراف عدة قبل وبعد إعلانها المشاركة في الانتخابات المقبلة، ووصفها بعض خصومها بألقاب يعفّ الإنسان عن ذكرها.

وقبل الحديث عن موقف الحركة والذي يدخل في باب الاجتهاد وتقدير المصالح والمفاسد - العامة وليست الخاصة - أود التذكير بموقفين وقعا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام.

الأول بعد انتهاء غزوة بدر ووقوع أسرى من المشركين في أيدي المسلمين، وهي التجربة الأولى، لذلك اختلف الصحابة في طريقة التعامل معهم، فمنهم من قال نقتلهم حتى نرهب أعداء الإسلام، وهو رأي أشار إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومنهم من قال، بل نفديهم لأننا بحاجة إلى الأموال، ولعل الله تعالى أن يهديهم وهو ما أشار إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

ومال النبي عليه الصلاة والسلام لرأي أبي بكر، وتم افتداء الأسرى، إلا أن القرآن أيّد رأي عمر بن الخطاب وهو قتلهم، ونزل قول الله تعالى: «ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يُثْخِن في الأرض...» الآية.

والموقف الثاني، هو مشاورة النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة قبل غزوة أحد، من حيث البقاء في المدينة والتحصن بها أمام العدوان القادم من المشركين، أو الخروج لملاقاتهم خارج المدينة. واختلفت آراء الصحابة، إلا أن الغالبية كانت ترى الخروج، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج لقتال المشركين، رغم أنه كان يميل إلى الرأي القائل، بأفضلية البقاء في المدينة والتحصن فيها.

ومن خلال هذين الموقفين، نتعلم أن تقدير المصلحة من المفسدة يختلف من طرف لآخر، وقد اختلف الصحابة وهم من خيرة البشر، والنبي عليه الصلاة والسلام اجتهد في مسألة، ووجدنا أن القرآن الكريم بيّن أن الأفضلية كانت مع الرأي الآخر.

الأمر الثاني أن نتعلم قبول الرأي الآخر، خصوصاً إذا علمنا صدق النيات والمقاصد.

الحركة الدستورية من خلال كوادرها وأعضائها تتبع مبدأ التشاور في اتخاذ القرارات، ولذلك وبناء على رأي الغالبية تم اتخاذ قرار المشاركة في الانتخابات، وهو أمر ليس بجديد على الحركة.

العجيب أن بعض خصوم الحركة أخذ يكيل الاتهامات، ويحاول الإيقاع بين الحركة وبين المقاطعين، ويتهمهم بالتخلي عن رفقاء الدرب من المعارضة. وهناك آخرون يطالبون الحركة بأن تعتذر عن موقفها السابق بالمقاطعة، وأقول ان الحركة ليست بحاجة إلى الاعتذار لأنها عندما قاطعت كانت ترى المصلحة في ذلك، وقد تحققت بعض مقاصدها، واليوم رأت أنّ في المشاركة دفعا لمفسدة أكبر.

من عوامل قوة الحركة الدستورية أنها تحترم آراء كوادرها وأعضائها، وليست كبعض التيارات الأخرى التي يسيطر عليها بعض المعمّرين والذين يتخذون القرار من دون الرجوع إلى الشباب، الذين هم عصب هذه التجمعات.

الحركة اليوم لا تجد حرجا في إعلان موقفها الجديد، ولن تُلقي بالاً لمن يتهمها بالتلوّن أو تغيير المبدأ، فهي لم تطعن بمن شارك في آخر انتخابات لأنها كانت ترى أن المسألة اجتهادية تحتمل الصواب والخطأ.

بعض خصوم الحركة الدستورية لن يثق بالحركة ولن يصدق كلامها ولو أقسم أعضاؤها لهم بأغلظ الأَيْمان، لأنه اتخذ موقفا مسبقا.

وأمثال هؤلاء لن يرضى عنك ولو أعطيته ماء العيون، وكما قال الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ... ولكنّ عين السخط تبدي المساويا

نحترم كل الآراء - المقاطع والمشارك - ولن يتم التخوين بأحد، ونتمنى أن تكون مصلحة البلاد والعباد هي الهدف الأسمى الذي يسعى الجميع إلى تحقيقه.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك