الاسدية بامتياز فككت النسيج الوطني السوري .. بوجهة نظر غسان المفلح

زاوية الكتاب

كتب 608 مشاهدات 0

غسان المفلح

السياسة

تفكيك الأسدية

غسان المفلح

 

الاسدية بامتياز فككت النسيج الوطني السوري، الذي نشأ ونما خصوصاً بعد الاستقلال العام 1946. لا يمكن تشكيل نسيج وطني جديد إلا بتجاوز الاسدية، من دون ذلك سيبقى هذا النسيج سائرا نحو مزيد من التفكك. الاسدية الفاسدة على كل المستويات، أخذت مكان الدولة. فكانت الطائفية والرشاوى والمحسوبيات والتمييز والعنصرية والقتل وكم الافواه وتدمير المدن. فهل بقي في سورية دولة، واي دولة؟

نحن نخاف أو نخجل وننافق، وربما لا نريد ايقاظ الفتنة، في عدم تعرضنا للمسألة الطائفية في سورية. صرنا كالإسلاميين جماعة «الفتنة نائمة». اليوم هي جاثمة فوق كل هذا الخراب.

بادرت مجموعة من اليساريين السوريين في بداية الثورة إلى عقد مؤتمر «السميراميس»، تبين أن منهم من سارع لعقد مثل هذا المؤتمر هو الخوف على سقوط الاسدية، بشعور طائفي بالمسؤولية!

في المقالة السابقة حاولت أن ابين بشكل مكثف، علاقة الطائفية بالأسدية. كنت قبلها كتبت كثيرا كما فعل غيري أيضا وبجدارة أكثر مني، عن عمل هذه الاسدية. لكن نبقي في حيز الشك في كل ما نقوله. ليس السبب في علاقة ذلك بالحقيقة بالمعنى النسبي، بل في ان حساسية الوضع السوري، تجعل حضور الانحياز المسبق خطرا على الحقيقة والدارس معا.

المشكلة أيضا في ذلك الخطاب الذي تقدم من خلال شبكة ملفوظاته وسياقاتها وتراكيبها لهذه الحقيقة. التخلص من الانحياز المسبق، أو الحد منه تأتي من خلال الدراسات البحثية الميدانية. المعطيات والأرقام، ومصادر هذه المعطيات تؤدي دورا، في الحد من ذاتية الكاتب أو المهتم أو الدارس. في سورية الاسدية، تعتيم على كل ما من شأنه أن يفضح آليات عملها، مثال تجار دمشق الداعمين للنظام مثلا، يكفيهم لقاء شفهيا مع قادة النظام، حتى يصبح قانونا لديهم، سواء كان ترغيبا ام ترهيبا. البعث كمؤسسة موالاة سياسية، سرعان ما تتحول ميليشيا، كما حدث ابان احداث الثمانينات من القرن الماضي في سورية. تم تسليح كل البعثيين، وما حدث منذ بداية الثورة2011، حتى عندما كان الأسد الاب وزيرا للدفاع في نكسة يونيو العام 1967 التي تـمر ذكراها التاسعة والاربعون بعد أسبوع تقريبا، عندما احتلت إسرائيل القنيطرة والجولان، كان بيان تلك القيادة، آنذاك، بدل ان يتم محاسبتها، أن إسرائيل لم تنتصر في حربها، لأن هدف الحرب هو اسقاط النظام البعثي. رغم أن ذلك الانتصار الإسرائيلي حدد مصير المنطقة منذ تلك اللحظة، فقد جاء المسؤول عن الهزيمة بوصفه وزيرا للدفاع آنذاك، رئيسا لسورية بانقلاب عسكري في العام 1970.

الاسدية توالدت وتولد من داخل أربعة حقول سيطرة:

الأول: الجيش والمخابرات واحتلال الدولة.

الثاني: البعث بوصفه حزبا سياسيا قائدا.

الثالث: تحالف طبقي مع طبقة تجار المدن، الذين رفضوا نظام حركة 23 فبراير.

الرابع: الطائفة العلوية وتطييف المجتمع ككل، باستخدام الورقة الطائفية سياسيا، واستخدام الطائفة العلوية عسكريا، كما يقول احد الناشطين على الطائفة أن تخلع البدلة العسكرية.

هذه العناصر الأربعة هي الاسدية، التفاعل بينهم قائم على قدم وساق منذ العام 1968. الاستخدام مفهوم يمكننا التعويل عليه في اللحظة التدشينية للأسدية في سورية، لكن بعد ذلك صارت الاسدية تعمل وفقا لبنية واحدة، وبانساق متناغمة.

كيف يمكننا تفكيك هذه الاسدية، مع الحفاظ على وحدة سورية وبناء دولة القانون والمواطنة؟

هذا ما سأحاول الإجابة عنه في مقالات لاحقة. رغم كل ما أكتبه في هذه المسألة عندما تنتهي الاسدية، يبدأ في سورية تشكيل نسيج وطني حر بناء على عقد اجتماعي جديد، هذا هو الغرض من تفكيك الاسدية.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك