عن تجربته في تركيا خلال محاولة الإنقلاب.. يحكي مسفر النعيس

زاوية الكتاب

كتب 389 مشاهدات 0

مسفر العداون

الراي

صوت القلم- 3 أيام لا تنسى في إسطنبول!

مسفر النعيس

 

أيام صعبة مليئة بالأحداث عشتها بكل تفاصيلها المثيرة وبذلت فيها مجهوداً كبيراً... وأصبح التعب والهم والألم والقلق والتوتر، أصدقائي الذين لم يفارقوني لحظة. أيام عرفت فيها أن كل من يضحك في وجهك عند الرخاء ويؤلمك موقفه عند الشدة، ما هو سوى عدو وليس صديقا. فقد تضايقت من مواقف بعضهم ولكن أصبحوا من الماضي السيئ الذي سأمسحه من ذاكرتي.

كنت قد وصلت إلى إسطنبول قادماً من سراييفو صباح يوم الجمعة الماضي... كل شيء كان يسير طبيعياً. الأجواء جميلة في شارع الاستقلال، ولكن حدث شيء جعل القلق يساورني، فقد زرت في المساء مسجد السلطان أحمد، وشاهدت بعض العسكريين المدججين بالسلاح وبكامل عتادهم، يركضون بطريقة مريبة، وعندما عدت إلى الفندق صعقت من خبر الانقلاب الذي فشل بحمد الله وفضله.

تابعت الأخبار التي أتلفت أعصابي. ففي البداية تصورت أن الانقلاب نجح وعند خروج الجيش الانقلابي للشارع أيقنت أن كل شيء انتهى. حتى جاءت مكالمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبر تطبيق «فايس تايم، والتي وجهها للشعب التركي العظيم، فنزلت الحشود بالآلاف والتي شاهدتها عن قرب حيث مرت بجانب الفندق القريب من شارع الاستقلال مع ارتفاع أصوات المآذن التي تصدح بالأذان وتنادي على الشعب التركي العظيم الذي أنقذ الديموقراطية والرئيس المنتخب، وجنّب البلاد والعباد، كارثة حقيقية.

كان الترقب سيد الموقف، والتفكير في مغادرة البلاد هدفي الأول. فتم الاتصال على السفارة الكويتية عند السابعة صباحاً وأعطوني رقم القنصلية الكويتية وبالتحديد رقم هاتف المستشار علي حمادة، ذلك الرجل صاحب الأخلاق العالية والأدب الجم والتعامل الراقي والجهد الوافر، فما هي سوى دقائق معدودة حتى أرسل لي سيارة أقلتني وعائلتي من الفندق إلى فندق آخر قريب من مقر القنصلية وفي مكان آمن.

نزلت في الفندق واتصلت عند الساعة الرابعة عصراً على السفير محمد المحمد، والذي كان رده كالبلسم الذي هوّن علينا مصيبتنا، فأرسلنا له صور جوازاتنا وبعدها عند الساعة الثامنة تقريباً أرسل لنا باصات تقلنا للمطار بعد ما بعث لنا برسالة تنص على ذلك.

وصلنا إلى المطار بصعوبة بالغة جراء تدافع الحشود الكبيرة المؤيدة لأردوغان. انتظرنا أكثر من خمس ساعات من دون أن نغادر، فقد امتلأت مقاعد الطائرة... وانتظرنا الطائرة الأخرى والتي لم يحالفنا الحظ في ركوبها نظراً لدخول بعض المعاقين، حسب كلام أحد أعضاء السفارة الكويتية. بعدها رجعنا منهكين إلى الفندق عند الخامسة فجراً، ولم نذق طعم النوم سوى ساعتين أو أقل، وكان ملازماً لنا المستشار حمادة، الحريص على سلامة جميع الكويتيين. وللأمانة، فقد بذل مجهوداً خرافياً حتى غادرنا الفندق وذهب قبلنا لينسق لنا الرحلة وانطلقنا عند العاشرة صباحاً لنجده والسفير عند كاونتر الخطوط الكويتية، وقد سهّل مهمتنا حتى صعدنا الطائرة متجهين إلى الكويت، بعد أيام عصيبة لا يمكن أن تمحى من الذاكرة، شبيهة بأحداث الغزو العراقي لدولتنا الغالية الكويت.

وهذا مختصر ما حدث، وهناك أحداث لا تمحى من ذاكرتي، لكنها غير قابلة للنشر، وربما أفصح عنها عندما أتمتع بالحصانة أو نحو ذلك. والحمد لله من قبل ومن بعد.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك