ما نعانيه من مؤثرات عقلية لا يقل خطرا عن «السبايس».. بوجهة نظر تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 437 مشاهدات 0

د. تركي العازمي

الراي

وجع الحروف -تجريم «السبايس» والمؤثرات العقلية!       

د. تركي العازمي

 

تجريم «الكيميكال»... على التوقيع! كان مانشيت «الراي» في عدد الإثنين الماضي، والذي أثار استفسارات البعض من الحضور.

«الكيميكال» أو «السبايس» مجرم صحياً وسيدرج قريباً على جدول المخدرات والمؤثرات العقلية... ولو أحصينا المؤثرات العقلية لوجدناها في خانة «عد وخربط»، فأغلب ما يحيط بنا من أخبار وإفساد يندرج تحت مسمى المؤثرات العقلية التي تريد إزاحة العقلانية والأخلاق من سلوكياتنا.

المواد الكيميائية الداخلة في تركيبة «السبايس» وغيره من المخدرات، تركيبتها وآثارها على العقول معروفة، لكن ثمة سؤالاً مستحقاً يطرح على الدوام وهو: من يقف وراء جلب هذه السموم لنا ولدول الجوار؟ وهل لقي هذا المتسبب في دمار أبنائنا، العقاب الشافي؟

أقسم بالله العلي العظيم، إن ما نعانيه من مؤثرات عقلية آخرى نعيش فصولها يومياً لا يقل خطرا عن «السبايس»... إنها أي المؤثرات العقلية الآخرى «المعنوية»٬ مرتبطة بضعف تركيبتنا الثقافية وتتمثل في النماذج الآتية:

يأتيك «السذج» بـ«سناب شات» ويتبعه القوم...

يقدم السارق على فعلته ونادراً ما يجد الحساب...

يأتي من يتعمد «غربلة» المنظومة التعليمية ولا يسأل عن «تخبطاته...»

تنهب الأموال العامة ونتبع أثرها ببطء...

تتوقف الميزانية عن صرف المستحقات لمريض طريح الفراش وتفتح «الحنفية» للعلاج السياحي...

تنفذ المشاريع على نحو خاطئ ولا نلمس المحاسبة المطلوبة...

تؤخذ القرارات على هيئة ردود أفعال فلا خطة أو دراسة للوضع...

وغيرها الكثير من صفحات تكتب حول نماذج الفساد بشقيه المعنوي والمادي وتبقى إستراتيجية العلاج أشبه بالسهل الممتنع... وهذا التسويف في وقف تفشي الفساد الإداري والإفساد المعنوي الذي عرضنا بعض الصور عنه، أصبح من باب التشبيه مصنفاً بالمؤثرات العقلية التي وضعت الكويت في ذيل القائمة.

عندما نكرر مطالبتنا بإعادة هيكلة الإجراءات والمنظومة الإدارية والمنظومة المعنوية (نعني هنا صياغة ثقافة صالحة) لا نقصد سوى تسليط الضوء على جانب الإصلاح الذي لا نرى من بوادره سوى مصطلحات إنشائية بعضها فقط يندرج تحت مسمى «لزوم الشيء»، بينما أرض الواقع تشتكي من سيل من الممارسات السلوكية التي أفقدت العاقل عقله... وهنا يثبت التصوير بأنها من المؤثرات العقلية.

من التاريخ نأخذ العبر... نقرأ ونفهم وغيرنا يقلب الصفحة ويردد عبارة «أنت شتقول... هذا زمن غير٬ الكل بهذا الحال فلا تكون مثالي». ومن المؤسف أننا ننصت لهذا القول من دون ردع من حكمائنا!

يقول الأفوه الأودي «لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم... ولا سراة إذا جهالهم سادوا»... فماذا نفهم من هذا البيت.

اترك عنك الشعر واقرأ ما جاء في القرآن في قوله تعالى «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا»...

ماذا تفهم؟

إن ما يحصل من بث السموم من مخدرات ومشروبات كحولية وتحقير للقيم والأخلاق وانحلال سلوكي وإشادة وتلميع وملاحقة لطرح «السفه/السذج»، لهو في مجمله يقع تحت مسمى المؤثرات العقلية، ونعتب على العقلاء الحكماء لجنوحهم إلى التهدئة وقبول هبوط مخرجاتنا تعليميا وقياديا وسياسيا وتدني «المادة» المطروحة في وسائل التواصل الاجتماعي.

نريد من يحترم عقول أحبتنا من كبار السن الذين لم يعجبهم الوضع ومن صغار يكثرون السؤال على ذويهم «يبا هذا شوف شيقول في سناب (أو) شوف هذا شكاتب في تويتر»... وقد تتأثر قواه العقلية من هول ما يشاهده ويقرأه، لكنه ولله الحمد والمنة قد أحاط نفسه بسياج إيماني وهبه الله ليمنحه القدرة على تدارك الأمر وعلاجه على مستوى شخصي ينتهي بقوله «وأفوض أمري إلى الله و... حسبنا الله ونعم الوكيل». فهل من متعظ؟... الله المستعان.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك