عدنان فرزات يكتب.. غيرة الكسالى

زاوية الكتاب

كتب 379 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

غيرة الكسالى

عدنان فرزات

 

إذا كان بإمكانك قطف تفاحة من الشجرة، لكنك لم تفعل، فلماذا تحقد على من قطفها؟

هذا ما ينطبق تماماً على الأشخاص الذين يحقدون على الأغنياء، خصوصاً المكافحين منهم، الذين صنعوا ثروتهم بجهودهم وعاشوا البؤس والشقاء وهم يجمعونها، في الوقت الذي كان فيه الشخص الآخر يعيش حكاية الأطفال الشهيرة «النملة والصرصور»، حيث تفني النملة وقتها بجمع حبات الحنطة في الصيف وتخزنها للشتاء، بينما الصرصور في الحكاية يظهر على أنه مشغول باللهو والكسل، حتى إذا ما حل الشتاء جاع وتبهدلت أموره. ولا أدري إن كانت هذه الحكاية لها أساس علمي، لأن الصرصور ليس كذلك، فنحن نراه نشيطاً وغالباً ما يتزامن نشاطه مع صرخات خوف من النساء.

أقول هذا بعد همسات الحقد التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب نشر وسائل الإعلام لثمانية من الأغنياء يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه 3.6 مليارات شخص، ممن يشكلون نصف أفقر سكان الأرض.

وبين هؤلاء الأثرياء أشخاص كافحوا حتى حققوا هذه الثروات، أو ابتكروا أفكاراً جديدة ولم يقضوا أيامهم -مثلنا- يترقبون آخر الشهر لاستلام المرتب. فمن بين هؤلاء الثمانية يوجد بيل غيتس صاحب أفكار مايكروسوفت التي غيرت مسار العالم، ومنهم مارك زوكربيرغ مبتكر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وغيرهما من أصحاب دور أزياء وشركات، علماً بأننا نحن من صنعنا ثروة هؤلاء، لأننا كنا مستهلكين «شاطرين» ندفع بسخاء وعن رضا، ولم يجبرنا أحد سوى بيل غيتس على استخدام منتجاتهم، فسباقنا المحموم نحو عالم الأزياء والطعام كان يصب في خزانتهم.

وعلى سيرة الطعام، يروى أن أحد أصحاب سلسلة مطاعم شهيرة، وبالتأكيد لن أذكرها كي لا يدفعوني ثمن إعلان، خصوصاً أننا لم نصل إلى آخر الشهر بعد، المهم أن صاحب هذه السلسلة بدأ حياته فقيراً بائساً مطروداً من كل عمل يشتغل به، إلى أن وصل إلى الستين من عمره تقريباً، فقام بعمل وجبة ابتكرها هو، ثم باع منها للجيران، فأعجبتهم، وشيئاً فشيئاً ذاع صيته، حتى بدأت المطاعم تشتري منه، وبعد ذلك افتتح سلسلة مطاعم بنفسه، وعاش آخر كم سنة من حياته مترفاً بدرجة خيالية.

فهل من المعقول مثلاً أن يأتي شخص كسول متكئ على كرسي في مقهى أو يقضي يومه يرسل «مسجات» ومقاطع مضحكة على الواتس فيحقد على هذا العبقري المكافح الذي لم ييأس حتى وهو في أواخر سنوات عمره؟ علماً بأن كل رسالة يرسلها تزيد من ثروة مارك زوكربيرغ.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك