لابد من البحث عن حلول منطقية للتركيبة السكانية تتناسب مع المجتمع الكويتي.. يطالب حمد العصيدان

زاوية الكتاب

كتب 492 مشاهدات 0

حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى- «النائبة» و«بلسوت» الكويتيين

حمد العصيدان

 

في فبراير من العام الماضي، نشرت جريدة «الراي» تحقيقا مطولا عن شاب كويتي امتهن مهنة معلم شاورما وافتتح لذلك محلا، وعمل على تطويره إلى محلات. فكان هذا التحقيق مثار اهتمام وتفاعل كبيرين في المجتمع الكويتي، إلى درجة أن الكثيرين حرصوا على معرفة عنوان مطعم الشاب للذهاب إليه وشراء الشاورما.

طبعا ليس الهدف الرئيسي من الذهاب لمحله شراء سندويشة شاورما التي تنتشر مطاعمها بكثرة، ولكن الهدف الأول هو إشباع الفضول لمشاهدة الكويتي وهو يلبس الروب الأبيض، ويضع على رأسه قلنسوة «شيف»، وهو مشهد نادر، بل وحيد لم يسبق أن شوهد مثله من قبل. ولا شك أن هذا الاهتمام والفضول يعكسان حالة نفسية من رفض الكويتي لمثل هذه المهنة.

ثم تأتي النائبة الفاضلة صفاء الهاشم لتطلب من الشباب الكويتي أن يلبس «بلسوت» ويحمل بيده مفكات، ويدخل إلى الحمامات والمطابخ ليصلح أو يركب الحنفيات أو يعمل على إصلاح خط كهربائي وتبديل الأسلاك المحترقة، للاستغناء عن السباكين والكهربائيين الوافدين، والمصريين خاصة، وفق تعبيرها.

ومع احترامنا لكل من يمارس هذه المهن، وهي مهن شريفة وأصحابها أناس يعملون بإخلاص لتأمين مصدر رزقهم، فإن هذه الدعوة التي تدخل ضمن حملة النائبة المحترمة لتعديل التركيبة السكانية، هي دعوة تخفي وراءها ـ من وجهة نظري ـ نَفَساً غير طيب، فلماذا لا تحث النائبة أبناءها على امتهان إحدى تلك المهن ليكونوا قدوة وتطبق القول بالفعل؟ وإذا كان ردها بأن أبناءها تعلموا ونالوا شهادات عليا في تخصصات مختلفة، فإن جميع أبناء الكويت تعلموا ونالوا الشهادات ويمكن أن يتولوا كل المناصب التي يتولاها أبناؤها وزملاؤهم.

ثم إن تعديل التركيبة السكانية لا يبدأ من السباكين والكهربائيين والصباغين، فهناك جيوش من الوافدين في مفاصل الوزارات والهيئات الرسمية، يمكن أن يحل بها الكويتي مكانهم، ولعل أقربها وأكثرها أهمية مدارسنا التي لا يشكل فيها الكويتيون أكثر من 30 في المئة، فلماذا لا توجه مخرجات الجامعة وهيئة التعليم التطبيقي نحو المدارس بتخريج معلمين بدل أن يتكدسوا في مكاتب الوزارات.

أما أن نأتي لتعديل التركيبة السكانية من الذيل، ونبدأ بالسباكين والكهربائيين، فهذا أمر غير منطقي ويجافي الواقع، فكيف نطلب من شاب أن يلبس «بلسوت» ويحمل صندوق العدّة و«يفترّ» على البيوت لتصليح الأعطال، وهو يرى نظراءه من أبناء بلده يتوظفون في الوزارات ويتولون المناصب؟ فلا يمكن القبول بنظرية أصحاب «الدماء الزرقاء» وأصحاب «الدماء الحمراء»، فالمواطنة لا تفرق بين أحد.

وقد رأينا كيف كانت ردود الأفعال التي استطلعتها «الراي» كان أغلبها رافضاً للفكرة، ومستهجنا تلك الدعوة وهو يرى أن أقل راتب للكويتي لا يقل عن 1000 دينار، فكيف سيقبل بمهنة «يتسول» من خلالها عشرة وخمسة دنانير جراء عمل متواضع يقوم به. ولعل ردود الفعل المتعجبة التي تابعناها على تحقيق «معلم الشاورما» تؤكد أن المجتمع الكويتي غير مهيأ لقبول أن يرى كويتيا سباكا أو كهربائيا أو صباغا.

أما الحديث عن أن الأجداد مارسوا تلك المهن، حتى سميت العائلات بأسماء المهن، من مثل «القلاف، الحداد، التناك، الصفار، النجار»، فهذا كان في مرحلة ما قبل القرن العشرين وقبل اكتشاف النفط، أما حاليا فلا يمكن أن نرى مثل تلك المهن بعمال كويتيين.

وتبقى رسالتنا للنائبة المحترمة التي ارتفعت نبرتها في الفترة الأخيرة ضد الوافدين باقتراحات لا يمكن قبولها، من مثل دفع رسوم على مستخدمي الطرق، أو منع صرف الدواء لهم من المستوصفات والمستشفيات، رسالتنا لها بأن تبحث عن حلول منطقية للتركيبة السكانية تتناسب مع المجتمع الكويتي ومستواه الاجتماعي، من جهة، ولا تمس سمعة الكويت أمام المنظمات الإنسانية، من جهة ثانية.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك