عدنان فرزات يكتب.. أمك لا تحتاجك هنا

زاوية الكتاب

كتب 514 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

أمك لا تحتاجك هنا

عدنان فرزات

 

أفضل طريقة لتهنئة الأم في عيدها، الذي مر يوم الثلاثاء الماضي، هو أن تحمل نفسك إلى أقرب سوق وتشتري هدية تليق بها، ثم إذا كنت أعزب فتوجه بمفردك إليها وقبل يدها، أما إذا كنت متزوجاً، فاصطحب معك عائلتك، وعلم أولادك كيف يقبلون يديها ورأسها ويقومون على خدمتها.

هذه أفضل طريقة بدلاً من أن تتشاطر وتجلس على مواقع التواصل الاجتماعي لتغرق الناس بالبوستات والتغريدات عن فضائل الأم وعظمتها وتتذكر طفولتك معها، وتكتب كل هذا عن والدتك التي لا تعرف ربما ما هي مواقع التواصل الاجتماعي ولا تقرأ ما كتبت.

قبل أيام انتشر مقطع فيديو، مؤثر جدا، يعكس عمق الفجوة بين الأبناء وأمهاتهم خصوصاً من الجيل الجديد، فقد طلبت وسيلة إعلامية من الشباب أن يتصل كل منهم على حدة بأمه ويقول لها: «أمي إنني احبك»، فكانت المفاجأة أن الأمهات بلا استثناء استغربن هذا الشعور من أبنائهن، لأنهن ما اعتدن سماع ذلك منهم، فكانت ردود أفعالهن أنهن استغربن كلام الأبناء حتى إن بعض الأمهات شككن في الكلام واعتقدن أن وراء هذه العبارة طلبات ما.

قبل سنوات كنت خارجاً من مبنى الإذاعة في وقت متأخر ليلاً، وصادفتني امرأة عجوز واضح من ملامحها أنها من بلد عربي، وأشارت إلي أن أتوقف لها فامتثلت، وطلبت مني بلهجة التوسل والرجاء – وقد بدت ملامح التعب على وجهها – أن أوصلها إلى المستشفى، وفي الطريق كانت المسكينة تئن من الألم، فدفعني ذلك لسؤالها إن كانت تعيش وحيدة أم لديها أبناء، وإن كان لديها أبناء فكيف يتركونها تخرج وهي بهذه الحالة بمفردها، فكان جوابها مؤثراً جداً، حيث أخبرتني أن لديها ولدا وحيدا وزوجها متوفى، وقررت أن تعطي ابنها كل ما ورثته من مال بسيط من أبيه كي يتزوج، وسكنت معه في ملحق بإحدى العمارات كي يرعاها، لكن زوجة ابنها كان تؤذيها وتتذمر من وجودها، وتحرض زوجها، حتى أهملها ابنها لدرجة أنه لم يقبل بمرافقتها إلى المستشفى في هذه الليلة.

حين نزلت المرأة العجوز من السيارة عند باب الطوارئ، رفعت يديها إلى السماء، ودعت لي بدعاء واحد: «اذهب يا بني ربنا يكفيك شر الطريق»..

بكل صدق وأمانة، في الليلة نفسها وأنا عائد إلى المنزل على الدائري الرابع، أنجاني الله من حادث قاتل، سألت نفسي إذا كان دعاؤها مقبولا لرجل غريب، فكيف لو دعت على ابنها عكس هذا الدعاء..؟!

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك