الخطوة الأهم لتفادي أزمات قبول مستقبلية بالتطبيقي تكمن في إعداد واجهة ذكية لنظام القبول.. برأي عبد اللطيف بن نخي

زاوية الكتاب

كتب 424 مشاهدات 0

د. عبد اللطيف بن نخي

الراي

رؤية ورأي- تخفيف أزمة القبول بالتطبيقي

د. عبد اللطيف بن نخي

 

الخبرات الأكاديمية التراكمية تؤكد أن بعض التصورات قد تكون خاطئة وإن كانت مدعومة بالدلائل. ونحن الأكاديميون مطلعون على العديد من حالات تغيّر الرأي العلمي، بل أن من بيننا من نشر بحثاً علمياً أعلن فيه رأياً علمياً مغايرا أو مناقضا لرأيه الموثق في بحث سابق.

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى أخطاء في الاستنتاجات، ما يهمني منها في هذا المقال، هي تلك المنسوبة إلى نقص في المعطيات أو خلل في المعلومات المرتبطة بفهم الواقع. فعلى سبيل المثال، استطاع العالم الايطالي الشهير غاليليو غاليلي، أن يفند الكثير من المعتقدات الفلكية في زمانه بعد أن تمكن من النظر بشكل أدق إلى النجوم والكواكب بفضل المنظار الذي صنعه وطوّره. فطرح الكثير من الملاحظات وبعض النظريات المعاكسة للمعتقد الذي كان سائدا في عصره. وكان من بين أبرزها أن الأرض ليست مركز الكون، بل هي كوكب صغير يدور حول الشمس مع غيره من الكواكب.

إذا كانت الآراء العلمية تحتمل الخطأ، بالرغم من أنها تستنتج وفق منهجيات تقلل من احتمالات الخطأ، فما بال الأخبار المرتبطة بمصالح الناس كتلك المرتبطة بنتائج القبول بالتطبيقي؟ ومنها على سبيل المثال ما أشيع حول وجود تجاوزات من قبل عمادة القبول.

أنا لست بصدد نفي أو اثبات وقوع أخطاء في نتائج القبول، فمن جانب أستبعد حصول تجاوزات لأنني أعلم أن فرز المتقدمين يتم آلياً، وفق رغباتهم ونسبهم الأكاديمية - في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها - وسعة التخصصات المتاحة، من خلال برنامج حاسوب أثبت كفاءته في السنوات السابقة. ومن جانب آخر أدرك أن برامج الحاسوب - مهما كانت متطورة - قد تتضمن خطأ مغمورا يصعب كشفه، ولا يظهر أثره إلا في حالات نادرة.

ما يهمني في هذا المقال هو اقتراح منهجية عملية لتقليل احتمالات الخطأ في نتائج القبول المستقبلية، ولكن قبل ذلك لا بد من الاشارة إلى أن أزمة القبول في التطبيقي، ليست الأولى في تاريخها، بل هي مستمرة منذ سنين طويلة، اختفت مؤقتا خلال سنوات تطبيق القرار الرقم 2115 لعام 2012 في شأن الساعات الزائدة على النصاب بواقع ألف دينار كويتي وبما لا يتجاوز 6 ساعات دراسية وتدريبية خلال الفصل الدراسي الواحد. ولكن بعد تخفيض مكافأة الساعات الزائدة، عادت الأمور إلى سابق عهدها من دون زوابع اعلامية. وتضخيم الأزمة في هذا العام حالة طارئة وراؤها أسباب غير أكاديمية، من بينها احتدام الصراع البرلماني على مناصب قيادية في التطبيقي.

جميع أطراف عملية القبول في التطبيقي شركاء في خلق الأزمة، ولكن بنسب متفاوتة. ولا أبالغ إن قلت أن بعض أسر المتقدمين شركاء في خلقها أيضا. نعم هناك الكثير من الحالات التي يكون فيها تسلسل رغبات المتقدم لا يمثل واقع ميوله الأكاديمية والشخصية. وهذا التناقض غالبا ما يتم رصده في المقابلات الشخصية، وتباعا يحرم المتقدم من القبول في التخصص المنظور، وأحيانا قد يستبعد من جميع التخصصات التابعة لكلية اللجنة.

جزء من المشكلة يكمن في أن معظم المتقدمين لم يطلعوا على تفاصيل التخصصات المتاحة، وفي مقدمها الفرص الوظيفية لخريجيها. فجلهم يكتفي باختيار عدد قليل من التخصصات، وفق رأي ونصيحة أسرهم وأصدقائهم، ويكمل المتبقي في مسلسل رغباته بشكل عشوائي، بحجة أن نسبته في شهادة الثانوية العامة تفوق النسب الدنيا المطلوبة لتقديم طلب الالتحاق بالتخصصات الأولى في قائمة رغباته. لذلك أناشد الاقسام العلمية توفير مقاطع فيديو قصيرة تشجع الطلبة على الالتحاق ببرامجها، تعد وفق معلومات متوافقة مع رؤية الدولة الاستراتيجية وتحدث بصورة دورية، ليتم عرضها في صفحة نظام القبول بالتطبيقي على شبكة الإنترنت، إلى جانب تعميمها في شبكات التواصل الاجتماعي بشكل متزامن مع كل فترة تسجيل رغبات الالتحاق بالتطبيقي.

الخطوة الأهم لتفادي أزمات قبول مستقبلية بالتطبيقي تكمن في إعداد واجهة ذكية لنظام القبول، متوافقة مع فلسفة استخدام الهواتف الذكية، بحيث تسمح للمتقدم الإطلاع على خريطة تدفق (flowchart) رغباته من التخصصات المتاحة له، توضح أثر نتيجة المقابلة الشخصية على أولوياته، مع بيان النسب الدنيا للقبول في كل تخصص، على أن يتم تحديث هذه النسب بشكل مستمر خلال فترة تقديم الرغبات. وبعد انتهاء فترة التقديم، ولمدة يومين فقط، يسمح للمتقدمين تعديل اختياراتهم في خانات الرغبات السادسة وما فوق، مع الاستمرار في التحديث المستمر للنسب الدنيا المطلوبة للقبول في كل تخصص.

بصراحة هناك حاجة لتطوير عملية تقديم طلبات الالتحاق بالتطبيقي، سواء عبر إنشاء واجهة ذكية أو غيرها. ولا بد من التكيّف مع واقع خريجي الثانوية الذين لم يؤهلوا لبناء خطة استراتيجية لمستقبلهم، وفيهم من لا يملك رؤية وظيفية.

من جهة أخرى، يفترض أن توفر هذه الواجهة الذكية الشفافية الكافية لتمكين من يرغب من المتقدمين بالتحقق بسهولة من سلامة فرزه. فيسمح له - مثلاً - بالاطلاع على خريطة تدفق رغباته، مع بيان النسب الدنيا للمقبولين في كل التخصصات المشمولة في خريطته.

المراد أن التكيّف مع الواقع وتعزيز معايير النزاهة والشفافية، خياران استراتيجيان لتطوير التطبيقي، والتطور المتسارع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فتح آفاق واسعة للتكيّف وترسيخ النزاهة في التطبيقي وفي ما عداها من الجهات... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك