عن الرقابة والمنع- تكتب منال البغدادي

زاوية الكتاب

كتب 641 مشاهدات 0


كلمة الرقابة كلمة شديدة اللهجة لكل من ألف عملاً أدبياً أو فنياً وصدر قرار ضده بحذف فقرة أو جملة أو أسطر معينة وهي التي يرى بها هذا المؤلف كأنه عملاً همجياً أو إعتداء صارخ لحرية الفكر، لكن بالرجوع الى الرقابة فهي ليست حديثة وإنما كانت بداياتها في القرن التاسع عشر في بريطانيا وتحديدا بعد الثورة الصناعية وهي ماكان يطلق عليه “قانون الأخلاق الفيكتوري” أي نسبة الى الملكة فيكتوريا، وهنا أخذ كومستوك زمام الرقابة بالولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين حيث كان يمنع الكثير من الكتب والإصدارات لما بها من صور وتوضيحات مخلة بالآداب العامة وكان يصل حجم الكتب المحروقة الى مايقارب ١٢٠ طناً، اي خلال السنة الواحدة يطل الى اكثر من ٦٠٠ طن وكان يتفاخر بأنه دفع اثنى عشر كاتبا للانتحار.
وبالرجوع الى وطننا العربي لنسمع فكرة القومية العربية حيث كان في جمهورية مصر العربية يأتي الفكر الناصري ثم ماتسمى جزافاً الديمقراطية فتم تقييد الحريات والثقافة ولعل دولة الكويت اكثر شعوب المنطقة تسامحاً وذلك بسبب العلاقات الخارجية والتجارية وكثرة الوافدين بها فالتجارة تقوم على الثقة والقيم والإحترام والوفاء بالعهود، وبعد ذلك ظهر النفط وأصبحت الكويت دولة حداثة وثقافة ودستور كرس مبادئ عظيمة وهي حرية الرأي والتعبير والفكر والتعليم وهنا صدر أول قانون في الكويت للمطبوعات والنشر رقم ٣ لسنة ١٩٦١وفي عام ١٩٧٥ تم إنطلاق أول معرض للكتاب وكانت الرقابة ذاتية فتم تشكيل أول لجنة لرقابة الكتب عام ١٩٨٢ وكانت لها أسبابها والتي كان أهمها الحرب العراقية الايرانية وتداعياتها الأقليمية وهي الأزمة الأولى، وبعد ذلك جاء الغزو العراقي للكويت عام ١٩٩٠ وبعد ذلك كانت هناك مشكلة كبيرة بسببها تم إستجواب الشيخ سعود الناصر الصباح رحمه الله وذلك في عام ١٩٩٨ عندما كان وزيرا للاعلام بسبب كتب ممنوعة تم تداولها في معرض الكتاب الدولي آنذاك وكان مقدمي الاستجواب كل من د. وليد الطبطبائي ومحمد العليم ود. فهد الخنة وعلى اثر هذا الاستجواب تم طرح الثقة بالوزير وقدمت الحكومة إستقالتها قبل طرح الثقة بأيام.
بعد ذلك صدر القانون رقم ٣ لسنة ٢٠٠٦ بشأن قانون المطبوعات والنشر المعمول به حتى الان وهو يحتوي على حالات يحق من من خلالها للجهات الرقابية منع الكتب من التداول متى ماتوفرت به أسباب المنع وهذه الموانع مذكورة في القانون والتي منها عدم المساس بالذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء والرسل والصحابة كذلك لايجوز التعرض لشخص سمو الأمير وعدم نسب أقوال على لسانه دون الإذن من الديوان الأميري وحظر كل مايحرق دستور الدولة أو إهانة القضاء أو خدش الآداب العامة والمساس بكرامة الأشخاص وحياتهم أو معتقداتهم الدينية.
هذه الأسباب التي رأى المشرع انها كافية لأن يمنع كتاب من التداول لأنها ثوابت مجتمعية، واحترام للديانات السماوية وقبل كل ذلك حماية العقيدة والمجتمع من تدميره الذي يكون إما بالمخدرات أو بالغزو الفكري الذي يهدم الإنسان وعلى الدستور حماية ان يحمي ثوابت المجتمع من المساس بها أو بعقيدتها ومن استهتار المجتمع من ديانات الآخرين الذين يشاركوننا العيش في الوطن لذا علينا جميعا أن نكون مسؤولين عن حماية مجتمعنا المتجانس بأن تبدأ رقابتنا على أنفسنا من أنفسنا.
منال البغدادي
مستشارة قانونية

الآن - منال البغدادي

تعليقات

اكتب تعليقك