صلاح العتيقي يكتب.. سنة أولى بورصة

زاوية الكتاب

كتب 349 مشاهدات 0

صلاح العتيقي

القبس

سنة أولى بورصة

د. صلاح العتيقي

 

في سنوات العمل الأولى؛ أي بعد التخرّج، أصبحت أعمل بهمة كبيرة للحاق بما يطلق عليه الآن بناء الذات، اي تحصيل ذخيرة علمية وثقافية ومهنية، وكذلك مالية لمواجهة تكاليف الحياة من زواج وشراء سيارة ومحاولة شراء قسيمة ان أمكن ذلك، وفي هذه الفترة كانت القسيمة في ضاحية عبدالله السالم لا يتعدى سعرها ثمانية آلاف دينار، وقِس على ذلك بقية المناطق، وبعد مرور بضع سنين حصلت فورة المناخ والكسب السريع الذي جعل الكثيرين «مليونيرية» من لا شيء، ولقبوا بفرسان المناخ، في تلك الأثناء كنت أكتب في جريدة الوطن محذّراً من الوقوع في فخ سراب الأوراق المالية، وواصفاً المتعاملين بالمجانين الذين يحبون المال حبّاً جمّاً.

في أحد الأيام عرض عليّ احد الأصدقاء المشاركة في شركة مقفلة تحت التأسيس، وأقنعني بالمساهمة في هذه الشركة، حيث ذهبت الى المكتب ودفعت ألفين وخمسمئة دينار، وأعطاني وصلاً بالمبلغ، حين خروجي من الشركة صادفت احد المعارف فعرض عليّ شراء هذه المساهمة او هذه الورقة التي بيدي، سألته ما المبلغ الذي تساويه هذه الورقة؟ قال خمسة عشر ألف دينار، واخرج دفتر الشيكات، ولَم اصدق عيني وكتب لي المبلغ، هنا توقّف العقل وتغيّرت الحال، انها نقود حقيقية، وهي سهلة المنال ولا منة معاش الحكومة.

أخذت اسرح في الخيال كم من الأموال سأحصل عليها والعقارات التي سأشتريها، وقد أشتري يختاً، وذهبت بالخيال الى لون اليخت وعدد الغرف التي سأستخدمها في الرحلات البحرية، ومن سأصطحب معي في هذه الرحلات. وزاد تحمسي للدخول في هذه المغامرة، فكتبت مقالا في جريدة الوطن أسميته سنة أولى بورصة، المهم جمعت كل تحويشة العمر وما ادخرته لشراء القسيمة واشتريت أسهماً قبل سقوط السوق بفترة وجيزة، وحلت الكارثة، ولا اريد الاسترسال بوصفها، ولكنها ذهبت بكل ما جمعت وتبخّر حلم بيت العمر واليخت الجميل، وكانت الكارثة العظمى هي إعطاء مليوني دينار لصغار المساهمين، ولَم نكن معهم؛ لأننا لم نتعامل بالآجل بل بأموالنا الخاصة، وبقيت الأوراق في أيدينا تنعى ثروة لم تتحقق.

 

* * *

منذ بضعة أشهر، وبدعوة كريمة من شركة استثمارية، حضرت ندوة عن الشركات في سوق الأوراق المالية، تحدث فيها السيد جاسم السعدون حديثا شجياً عن الشركات ومستقبل الاقتصاد والنفط وتقلباته ووضع النقاط على الحروف في كيفية علاج هذه الظواهر، كما تحدث احد المحاضرين عن الشركات التي تتمتع بوضع صحي في تعاملها وأرباحها ونتائجها، حيث شجّع المحاضر المتعاملين على اقتناء هذه النوعية من الأسهم وأطلق عليها شركات الجودة؛ لذلك قررت ان أشارككم بها حتى يتفادى المتعاملون الشركات المشكوك في امرها.

يقول المحاضر إن الجودة والامان عاملان في غاية الأهمية للمستثمرين الذين يواجهون أسواقاً متقلّبة ومضطربة، ومع ارتفاع الشكوك حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية، حيث إنهم قد أصيبوا في التقلّبات السابقة لسوق الأسهم؛ لذلك فهم يرغبون في اسهم يتمتع أصحابها بالحصافة في تداول أنشطتها وتتمتع بميزانية قوية. وأضاف أن طريقة التعرف على هذه الأسهم لا بد ان تكون بالتعرّف على ما يلي: أولاً- تحقيق الشركة ـــ باستمرار ـــ أرباحاً فوق المتوسط. ثانياً- النمو الذي يتم تحويله داخلياً من التدفقات النقدية التشغيلية. ثالثاً- الشركات التي لديها توزيعات نقدية جيدة. رابعاً- الشركات التي تتمتع بإدارة كفؤة وودية مع المساهمين. خامساً- شركات تتميّز بمعدلات اقتراض منخفضة أو معتدلة.

نتمنى لكم ازدهاراً في سوق الأوراق المالية في مقبل الأيام.

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك