عبد اللطيف الدعيج.. التنفيس جريمة

زاوية الكتاب

كتب 695 مشاهدات 0

عبد اللطيف الدعيج

 

القبس

التنفيس جريمة

عبد اللطيف الدعيج

 

لست معنيًا مثل البقية بعنفوان بقضية «القدس». فلست متعنتًا قوميًا ولا متعصبًا إسلاميًَا. لكن تبقى «القدس» قضية ومدينة العالم الغربي كله. مسلمين ومسيحيين ويهودٍ. وترتيب أوضاعها يجب أن يعني الجميع، ولا تنفرد قومية أو ديانة بتقرير مصير المدينة المقدسة للجميع.

 

لقد حكم اليهود القدس عندما لم تكن هناك مسيحية ولا إسلام، لذا لا نعلم كيف سيتصرفون إن وضعوا أيديهم عليها بشكلٍ تامٍ. وتولى أمرها المسيحيون أو بدقةٍ أكثر الصليبيون فارتكبوا الفظائع ودنسوا المقدسات حسب الزعم التاريخي الإسلامي. بينما تولى أمرها المسلمون بعد اليهودية والمسيحية وحافظوا عليها كمدينة مقدسة لدى الأديان الغربية. والمسلمون لم يدمروا «هيكل سليمان» بل ورثوه مدمرًا عن نبوخذ نصر.

هذا يجعل المسلمين الأكثر أهلية لتعهد وصيانة المدينة المقدسة. ويعطي للاعتراض الحالي على صهينة المدينة المقدسة مبررًا وسندًا شرعيًا وتاريخيًا إلى جانب شرعيته الدولية المدعومة من الأمم المتحدة.

لهذا أنا أشعر بالأسى على المتظاهرين والمعترضين العرب والمسلمين. فهم يكتفون بالاحتجاج والتظاهر. والغريب أنهم يدينون ردود الفعل «الغوغائية» لحكوماتهم التي لا تتعدى الاستنكار والاحتجاج، في الوقت ذاته الذي لا يفعلون شيئاً فيه غير ممارسة الاستنكار والاحتجاج!

ليست هذه دعوة إلى العنف أو إلى أي أشكال مشابهة له. بل دعوة إلى أن ينظم المحتجون صفوفهم وأن يسلكوا الطريق الصحيح والسلمي لحماية وصون المدينة المقدسة.

حكومة الكويت -على سبيل المثال- سارعت في الثواني الأولى إلى إدانة النوايا الأميركية، وقبل أيام وليس ساعات من إعلان التجمهر والتظاهر. إذن ما فائدة التجمهر والتظاهر والاجتماع في ساحة الإرادة؟!.. لو كان الاجتماع لدعوة الحكومة إلى اتخاذ موقف ولإيصال وجهة النظر الشعبية إليها لكان الاجتماع أو التجمهر مبررًا. لكن الحكومة سبقتكم.. فلمَ الضجة والزفة؟!

المفروض أن يكون هناك هدف أو مطلب في المواجهة مع قضية صهينة «القدس» من المفروض تحقيقه وليس مجرد إعلان موقف وإطلاق صيحات حالها حال برقيات الاستنكار وتصريحات الرفض الرسمية. أيضًا ليست هذه دعوة إلى الحرب. لكنها دعوة إلى اتخاذ مواقف محددة ومطالب واضحة تُعرض أو بالأحرى تُفرض على الحكومات العربية. سحب السفراء العرب أو قطع العلاقات الفورية مع الولايات المتحدة يجب أن يكون مطلبًا ملحًا للمتجهرين والمتظاهرين العرب، على سبيل المثال.

الاحتجاج والتجمهر للتنفيس عن المشاعر وتبريد الأجواء لا يجديان، إن لم أقل إنهما وسيلتان لإلهاء الناس وتمييع القضية. المحتجون العرب يمارسون الدور غير المجدي ذاته الذي تمارسه الحكومات التي لم يكفوا عن انتقادها منذ 1948.

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك