هل المشكلة في النظام النيابي الذي شَكَّل النواب على هوى السلطة أم أنَّ النواب هم من أصَّلوا هذا النظام النيابي لمصالحهم؟.. يتسائل محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 950 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات - النائب «قشوع»...!

محمد السداني

 

ممدوح عبدالعليم أو «رامي قشوع»، هو بطل الفيلم المصري «بطل من ورق»، والذي تدور أحداثه عن مجرم يستعين بسيناريو «ورقي» لكي ينفذ جريمته بكل دقة... ومن غباء هذا المجرم أنه ينفذ كل شاردة وواردة من هذه القصة المكتوبة من رامي قشوع! فتقيده بالنص المكتوب جعل منه شخصا مكشوف الحركات مهما كان يتمتع بقدر عالٍ من الذكاء!

وبعيدا عن «قشوع» الذي يذكرني بأبطال آخرين من ورق نذروا أنفسهم للبطولات الورقية التي تقيدوا فيها فكأنهم - الببغاوات - التي تملؤ الدنيا صياحا وكلاما وقد تصل إلى - الشتيمة - من دون أي تقدم يذكر وحرية يحصل عليها هذا الببغاء، فبعيدا عن «قشوع» وقريبا لمجلس الأمة، أجد أنَّ القصة متشابهة وإن غاب - ممدوح عبدالعليم - أو «قشوع» بشخصيته ولكنه حاضر بمضمونه وسلوكه، فمتابعتي البسيطة للكثير من الاستجوابات الأخيرة وللشأن السياسي ببعض من التركيز أجد أننا نعيش بطولات ورقية ومهرجانات صوتية وخطابية لا طائل منها إلا حشد الأصوات للانتخابات التي تليها والحفاظ على الكراسي الخضراء، ما أبقاها الدهر وبأي وسيلة كانت.

فالمستجوب الذي ملأ الدنيا صراخاً وعويلاً وزعيقاً مدافعا عن المال العام الذي ادعى أنه نهب وسينهب وما زال ينهب يكتفي بقدر ما أزعج المواطنين به من صراخ وتشنيع وتقريع بالوزير الذي أسقط عليه كلَّ أسباب تخلف البلد وتراجعها، وهو يعلم علم اليقين أنَّ القرار لا يمكن أن يكون بيد هذا الوزير المسكين والذي أعلى ما في خيله تقديم استقالته بعد أقوى استجواب ممكن أن يقدم من النائب «قشوع» أو غيره من النواب «القشاوع» ومن ثَّمَ يصبح رجل دولة يُقدم في كل المحافل الرسمية والدولية!

والسؤال هنا، هل المشكلة في النظام النيابي الذي شَكَّل النواب على هوى السلطة أم أنَّ النواب هم من أصَّلوا هذا النظام النيابي لمصالحهم، فأبقوا كل نظام يسمح له بممارسة الرياضة الانتخابية والتي تضمن بقاءهم في لياقة دائم للنزول في أي نظام وأي زمان وبأي طريقة؟ وأعتقد أنَّ الإجابة عن هذا السؤال تحتاج تفكرا عميقا في أبعاد الإشكالية، فالنظام يحتاج إلى شكل «ديموقراطي» لكي يتوافق مع ما رسمه الآباء الأوائل من أسس لا بد وأن نسير عليها، وقد ربط النظام مصالح الشعب بهذا المجلس أو سَمِّه ما شئت، فلا يستطيعون أن يسيروا أمور حياتهم إلا من خلال توقيع أو توصية أو تمرير من أصحاب الكراسي الخضراء، فصارت العلاقة بين المواطن والمجلس علاقة ارتباطية نفعية فُرِّغ من خلالها المجلس من مضمونه النيابي الرقابي التشريعي وصار مركز خدمة مواطن بمبنى فخم وموظفين برواتب عالية وبشوت فاخرة!

والبُعد الآخر من الإشكالية هو رضى الناس بهذا القدر من الممارسة النيابية التي جعلتهم أسرى نظام انتخابي مشوه لا يصلح لأن يكون إلا بهذا النمط، ومع تفاعل شعبي يحاكي ما يطرحه المجلس من قضايا ولا يفرض قضايا واقعية تطور وتنمي البلد بشكل حقيقي، فالناخب لا ينتهي دوره عند رمي ورقة الاقتراع في الصندوق، بل الدور الأكبر في متابعة أداء مرشحه وما قدم من أجل الوطن والمواطن.

وأعود إلى «قشوع» الذي يعتقد أنَّ الاستجواب هو الحل في الحفاظ على المال العام والذود عن مصالح الأمة ومُقدَّراتها، أعود إليه ويدفعني سؤال مُلِّح عما إذا عادت أموال الدولة المنهوبة من بعد استجوابه الخطير! وهل فعلاً ارتاح ضميرك وأنت تشاهد من قلت إنه بدد وأهمل الأموال العامة جالساً بجانبك في المجلس يشرب الشاي نفسه الذي تشربه ويأكل من المعجنات التي تأكلها. ويدفعني تساؤل آخر: لماذا لا يستمر الاستجواب قائما من النواب حتى إذا سقط واحد جاء الآخر ساندا له حتى يسقط الوزير الذي بدد المال وهدد المستقبل ويذهب مع الريح من دون رجعة!.

 

خارج النص:

- في حديث مع أحد الأصدقاء، قلت له: ما رأيك بآخر استجواب؟ قال لي، والله ممتاز هذا النائب «تصدق» ما يخلي لا عزاء ولا عرس ولا مناسبة إلا يمرنا فيها ودمه خفيف - الله يحفظه. فصدمت من هذا الصديق الذي يعتبر سياسيا في «تويتر» فقلت في نفسي: لا عزاء لهذا الوطن بوجود مثل نوعيات صديقي!.

- عزيزي النائب إذا منعت من الكلام في مجلس الأمة ولم تأخذ حقك لتكشف لنا الحقائق التي لن نستفيد منها شيئا، فهناك ألف وسيلة ووسيلة من الممكن أن تعطينا فيها معلومات لن نستفيد منها شيئا إلا سماع صوتك «الجميل».

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك