تركوا أهدافهم الحقيقية من أجل نصرة الشريعة وانطلقوا من منطلقات حزبية ضيقة لا وطنية ولا إسلامية، نبيل العوضي يعدد أسباب تراجع ' الإسلاميين'.

زاوية الكتاب

كتب 832 مشاهدات 0


تراجع الإسلاميين السياسيين

نبيل العوضي

لم يكن تراجع الإسلاميين في التمثيل النيابي مستغرباً عند الكثير من المراقبين للانتخابات بل وما قبلها من الأداء النيابي، خصوصاً مع الحملة الإعلامية الشرسة الموجهة ضد الإسلاميين على وجه الخصوص وإن لم يسلم منها غيرهم، وهذا التراجع في التمثيل النيابي الإسلامي له أسبابه الكثيرة التي سأحاول ذكر بعضها.

ولكن قبل ذكر أسباب تراجع الإسلاميين السياسيين في البرلمان الكويتي (فقط) أود أن أشير الى أنه لا علاقة قوية لهذا التراجع بالصحوة الإسلامية في المجتمع الكويتي، فالمحاضرات والدروس الدينية مازالت تنتشر وبقوة في المساجد والكليات والمعاهد بل تجاوزت الى الأسواق والحدائق والمرافق العامة، بل ازدياد عدد اللجان والمبرات الخيرية الى أعداد كبيرة وتنوعها لتشمل كل مجالات الحياة المدنية وبتنظيم مؤسسي رائع، وانتشار حلقات القرآن وحفظة كتاب الله، وغيرها من الدلائل على أن الصحوة الدينية تزداد بحمد الله يوماً بعد يوم، والمجتمع الكويتي وإن طرأت عليه كما تطرأ على غيره بعض المخالفات والتجاوزات الشرعية أحياناً إلا أنه مجتمع محافظ ومتدين في غالبه، وأكثر النواب الذين وصلوا الى المجلس إن لم يكن كلهم ممن يحافظ على صلاته وأركان دينه، فنحن والحمد لله بخير والمجتمع يحب الدين والتدين.

إذاً كيف تراجع الناس عن التصويت للإسلاميين السياسيين؟ قد يكون ما أذكر بعض الأسباب التي أدت الى هذا التراجع:

-1 ترك بعض الإسلاميين أهدافهم الحقيقية في نصرة الشريعة الإسلامية والقضايا الإسلامية بالاضافة لمشاريع التنمية والرقابة، فبعض النواب الإسلاميين لا تكاد تفرق بينه وبين غيره من النواب سواء في برنامجه الانتخابي أو في أدائه النيابي، وباتت المنافسة بينه وبين غيره في عوامل أخرى لا علاقة لها بشعاره وأهدافه.

-2 بعض الإسلاميين - حالهم كالأحزاب الأخرى - كان ينطلق في أدائه النيابي من منطلقات حزبية ضيقة لا وطنية ولا إسلامية، وحين تتعارض المصلحة الحزبية مع الصالح العام فللأسف كانت المصلحة الحزبية والقرار الحزبي يقدم على مصلحة الشعب أو البلاد، ولهذا كان الإسلاميون المستقلون أقل تأثراً من المنتمين للأحزاب مثل (حدس) أو (التجمع السلفي).

-3 حالة الاختلاف والتشرذم التي عاشها العمل الإسلامي السياسي (السني) على وجه الخصوص أدت الى خسارة الاطراف كلها، فنزاع الكتل الاسلامية وتراشقها عبر وسائل الاعلام واتهام بعضها للآخر منذ بداية مجلس 2008 والى نتائج مجلس اليوم، هذا الخلاف وهذا النزاع، والذي مرده لعوامل كثيرة منها ظن كل طرف وحده انه المستحق للاصلاح السياسي، ولعل الانانية وحب الذات احد الاسباب وهو ما اوصل الاسلاميين الى هذا التراجع والذي قد يزداد في السنوات القادمة.

-4 ازدياد الفجوة بين الاسلاميين السياسيين والاسلاميين الشرعيين او الدعويين، وبالتالي ابتعاد السياسيين عن القاعدة الدينية التي انطلقوا منها اصلا، وهذا الامر تسبب به من يقوم على العمل السياسي في الحركات الاسلامية وكذلك ابتعاد المشايخ والدعاة عن السياسيين لاعتبارات كثيرة، ولهذا لاتكاد ترى اليوم في الندوات الانتخابية للاسلاميين السياسيين الوجوه والرموز الدعوية الذين كنت تراهم في التسعينيات، ولعل عدم التوازن بين العمل الدعوي والعمل السياسي وعدم التنسيق بينهما افقد السياسيين كثيراً من الشعبية السابقة.

-5 عدم اهتمام بعض الاسلاميين بالقضايا الشعبية التي تؤرق المواطن البسيط، حتى حقوق الانسان المظلوم او المحروم والذي كان يرجو من الاسلاميين الوقوف معه اكثر من غيره فانك لا تجد تلك النصرة من بعضهم فموضوع الديون والمعسرين وموضوع زيادة الرواتب وموضوع التعديات وموضوع البدون ومواضيع اخرى كثيرة لم يكن بعض الاسلاميين موفقا فيها وللأسف.

-6 اللوثة الطبقية والعنصرية اظنها اصابت بعض قيادات الاحزاب الاسلامية، بل ان بعضها ليس لها اي تمثيل او ترشيح من ابناء القبائل، فان كان هناك تأييد فعلي فعلى استحياء، فهل هناك فعلا تعمد من بعض القيادات في الاحزاب الاسلامية لاقصاء ابناء القبائل من تمثيلها سياسيا او التأثير في القرار السياسي؟ فان كانت الاجابة بالايجاب فهذا في رأيي سبب من اسباب التراجع وعدم قراءة الواقع قراءة صحيحة.

لعل هناك اسباب اخرى سأذكرها لاحقا باذن الله، ولكن ليعلم الجميع ان الهدف الحقيقي من وجود الجماعات الاسلامية كلها هو عبادة الله تعالى وحده، وما البرلمان الا وسيلة واحدة من وسائل عديدة لا تحصى لنشر الخير ودعوة الناس اليه، ومازال المجلس فيه من النواب الخيريين الذين يرجى بهم الخير وحث البقية عليه، ونصيحة لشباب الصحوة والدعاة الى الله ان يجتهدوا في الدعوة الى الله ونشر الخير بين الناس وان يجعلوا دعوتهم خالصة لوجه الله وان تكون الحكمة اسلوبهم وشعارهم، وفق الله الجميع لما فيه خير البلاد والعباد.



***

شكرا جزيلاً لوزارة الداخلية على الجهد الكبير المبذول في الانتخابات وكذلك على اهتمامهم السريع بقضية المنتجع البحري، وأنا ارجو ان يكون وزير الداخلية (أبو نواف) اول العائدين الى الحكومة القادمة فهو الرجل المناسب لهذه الوزارة والله الموفق.

الآن - الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك