حسن جوهر: "ثوبك أبيض فحارب الفساد" كلام كبير من إنسان كبير
زاوية الكتابكتب د. حسن جوهر نوفمبر 21, 2019, 10:45 م 3240 مشاهدات 0
"ثوبك أبيض فحارب الفساد"، كلام كبير من إنسان كبير، وبالتأكيد له لدلالات كبيرة ومستحقة، فهذا ما استهل به صاحب السمو الأمير حديثه لرئيس الوزراء الجديد فور أدائه اليمين الدستورية، ولعل في ذلك مناسبة لمخاطبة سمو الشيخ صباح الخالد بما يختلج في صدور الغالبية العظمى والساحقة من الشعب الكويتي، الذي لم يهنأ طوال العقد الماضي حتى ببصيص الأمل في إزاحة كابوس الفساد وصوره ونتائجه، ناهيك عن أحلام التنمية واستعادة المجد الكويتي وتاريخه المشرق على مختلف الصعد.
فلا خدمات تناسب متطلبات الحياة الراهنة، ولا برامج واعدة للنهوض بالبلد، ولا ارتياح للمستقبل، ولا فرص حقيقية لتوظيف طوابير الشباب من خريجي الجامعات، ولا شعور بالعدالة والمساواة، ولا إيمان بحقيقة الحقوق والواجبات، حتى بلغت الحال بكثير من الناس استجداء مطالبهم المحقة وسد حاجاتهم المصيرية من أعضاء مجلس الأمة، ممن يستجدون ذلك بدورهم من الوزراء مقابل التنازل عن الكثير من المبادئ التي تعتبر أركان استقرار الدولة وهيبتها وسلامة مسيرتها.
في هذا الوضع ومع هذا الانطباع الواسع شعبياً قدّر لرئيس الوزراء أن يتحمّل المسؤولية، في ظروف سياسية حادة، بدءاً بوسطه العائلي مروراً بحالة المؤسسات الدستورية وانتهاءً بالظروف الإقليمية.
اعتدنا من صاحب السمو الأمير أن نسمع عبارات الاهتمام بالتنمية وتطبيق العدالة، لكنه هذه المرة انتقى عبارة محاربة الفساد في إشارة مهمة وذات دلالات لا مناص من التركيز عليها واتخاذها الميدان الأول للجهاد السياسي، فقد انتهى عهد رئيسين للوزراء بعاصفة من الشبهات الخطيرة للفساد، وعلى مستوى المؤسسات الدستورية الرئيسة، وهذا ما يستوجب الحذر والجرأة في مواجهة هذه الآفة خصوصاً أن الملفات التي أطاحت بحكومات ومجالس أمة سابقة كان الشيخ صباح الخالد حاضراً وبشكل مباشر في مشهدها، وهو عضو مجلس الأمة ووزير في حكومة دولة الكويت ونائب لرئيس مجلس الوزراء، مما يعني توافر تفاصيلها الدقيقة لديه، وهو اليوم بات يمثل أعلى سلطة تنفيذية ورقابية وإجرائية عليها.
ودلالة الثوب الأبيض يفترض أن تكون بمثابة الضوء الأخضر لسمو الرئيس في الانطلاق وبسرعة نحو هذا الوكر، خصوصاً أنه يمثل صفحة جديدة، ويتميز بالحيادية والشخصية المتوازنة، ولم تستقطبه التحالفات والتحالفات المضادة بحسب علمنا، وهذا قد يكون مفتاحاً لنجاح مهمته إذا ما أحسن استغلاله، ولعل من أهم متطلباته المحافظة على طهارة محيطه القريب، وخاصة دائرة اتخاذ القرارات الصعبة من المتنفذين وأصحاب المصالح الخاصة وأعوان الفاسدين، رغم ما قد يتعرض له من ضغط وابتزاز وتهديد ومحاولات الاحتواء التي لم يسلم من نتائجها الكارثية من سبقه، وامتدت آثارها لتشوه البلد بمن فيه، في حين أصحاب تلك الكروش المنتفخة بالأموال العامة يسرحون ويمرحون إن لم يكن يتندرون على من سحبوا البساط السياسي من تحته، ودعاؤنا وتمنياتنا لسمو رئيس الوزراء أن تكون عبارة ثوبك أبيض هي ما يختتم به نهاية عهده ومدة تحمله للمسؤولية طالت أو قصرت، فرضا الله تعالى وثقة الناس نعمتان لا يتذوق طعمهما الفاسدون.
تعليقات