طائرة 'الخليج الفارسي' المقاتلة

محليات وبرلمان

4086 مشاهدات 0


في مقالة طائرة الخليج الفارسي المقاتلة كتب الأستاذ أحمد الصراف في القبس ' كما تضمنت النبذة صورة إيصال عن مساهمة المرحوم اللهيب في شركة، أو صندوق «طائرة الخليج الفارسي المقاتلة»، وتاريخ المساهمة هو 10/11/1941، أي قبل 68 عاما! فأين تأسست الشركة وقتها، وكيف حملت مثل هذه التسمية الغريبة والطريفة في الوقت نفسه، وكيف تأسست ومن كان وراء تأسيسها، وهل نجحت في صنع أي طائرة؟ ولماذا سميت بطائرة الخليج الفارسي؟ علما بأن دول الخليج وقتها كانت في قمة تخلفها الصناعي، مع أن وضع الصناعة الحربية في المنطقة الآن، وبعد 70 عاما تقريبا، ليس بأحسن كثيرا مما كان عليه وقتها. نتمنى أن يفيدنا أحد المتخصصين في تاريخ الكويت، الذين شغلونا كثيرا بالروتيني من الأحداث، بالبحث في تاريخ هذه الشركة، ولو أنني أشك في وجود أي مصادر أو مستندات يمكن الرجوع اليها، وقد حاولت البحث في موقع الحاج «غوغل» والحاجّة «ويكابيديا» عنها، ولكني لم أجد شيئا.'

نقول للأستاذ الصراف أن من القواعد المعروفة لدى المؤرخين أن عدم 'التأريخ' لحادثة معينة لايعني عدم حدوثها،ويزداد الأمر غموضا مع التاريخ العسكري لمنطقة الخليج العربي ، فبالرغم من أن تاريخ الإنسان هو تاريخ حروبه إلا إن هذا كم مهمل في تاريخ الخليج العربي . واليكم اقرب ما نعرف عن  'طائرة الخليج الفارسي المقاتلة'  في الفقرات التي أقتطعها من أطروحتي للدكتوراه (أمن الخليج العربي : تطوره وإشكالياته من منظور العلاقات الإقليمية و الدولية 1913-1991م) التي نشرها مركز دراسات الوحدة العربية بمصادرها من الوثائق البريطانية .

من المعروف تاريخياً أن الإيطاليين هم أول من أدخل الطائرات في الحرب سلاحاً تلقى منه القنابل باليد على قوات عمر المختار في ليبيا.  وعلى الرغم من وصول الإيطاليين في الحرب إلى خليج عمان بالغواصات في 24 يوليو 1940م، وإغراقهم العديد من السفن البريطانية على طول الطريق من موانئ إرتريا حتى هرمز ، و في المحيط الهندي ، إلا أن البريطانيين كانوا يقللون من قيمة الخطر الإيطالي . و كان تقدير البريطانيون لقوة الإيطاليين البحرية والبرية صائباً ، لكنهم أخطئوا في تقدير قوتهم الجوية ، وكانت الطائرات الإيطالية من يوليو 1940م حتى يوليو1943م تدك المواقع البريطانية بعنف في جبل طارق والسويس وبورسودان(1)

المقدم الايطالي ايتوري موتي

وفي صيف عام 1940م أراد الإيطاليون إثبات دعواهم في السيادة الجوية، وكان لابد من اختيار هدف استراتيجي كبير وبعيد لكسب سمعة على المستوى العملياتي والمستوى الدعائي خلال الحرب، وانكب المقدم الايطالي إيتوري موتي ETTORE  MUTI على وضع خطة تقوم بتنفيذها أربع طائرات نقل من نوع  Savoia Marchetti SM82  ، تم تحويلها قاذفاتٍ بعيدة المدى، قادرة على الطيران مسافة 4 آلاف ميل، وقد طارت في الخامسة وعشر دقائق من جزيرة رودس في 8 من ديسمبر 1940م، ومرت بتملص بارع فوق قبرص ولبنان وسورية والأردن والعراق، لتنقض على مصفاة البحرين المضاءة كشجرة عيد الميلاد ، وتدكها دكاً في عملية جريئة قلبت حسابات البريطانيين، وقد ضيعت إحدى الطائرات المغيرة هدفها بسبب الصمت اللاسلكي مع قائد التشكيل ، لكن ضياعها - كما تقول المراجع الإيطالية - لم يذهب سدى، فقد أغارت على منشآت شركة النفط الأمريكية في الظهران، وألقت خمسين قنبلة دمرت بعض الأنابيب والمعدات، ولم يكن بالإمكان العودة إلى إيطاليا، بل عادت الطائرات إلى إرتريا واستقبل ملاحوها استقبال الأبطال(2) .

لم يعلم البريطانيون، ولا الأمريكان، ولا السعوديون بما أصابهم، وكان على البريطانيين بناء على طلب سعودي التقاط إحدى القنابل التي لم تنفجر في الظهران لمعرفة مصدرها(3). وقد ظنَّ الأمير فيصل بن عبد العزيز أن القنابل ألقيت على الظهران خطأ لقربها من البحرين ،وحسب أن الطائرات جاءت من البلقان(4). أما والده الملك عبد العزيز فقد تلقى اعتذاراً إيطالياً عن خطأ الطيار في قصف الظهران، وإن كان ابن سعود نفسه يقول في حديث للبريطانيين وأنه يعلم أن القصف متعمد،لأن الإيطاليين يريدونه أن يلتزم الحياد في الحرب(5). أدت حادثة قصف البحرين والظهران إلى دخول الولايات المتحدة عسكرياً في السعودية أول مرة، و تفيد مراسلات البريطانيين أنهم قد وافقوا على إقامة نظام دفاع جوي على عمليات شركة النفط الأمريكية في الظهران، وذلك بوضع سرية دفاع جوي تضم مائة رجل من الجيش الأمريكي(6).

ويقول بعض من عاش في فترة الحرب العالمية الثانية  وقابلتهم شخصيا أنهم شاهدوا دمار القنابل الايطالية في الإحساء وهم أطفال ، وكان حدثا كبيرا في ذلك الوقت ، وكان الاعتقاد السائد ان الهجوم كان ألمانيا وانه سوف يستمر، ويجب التصدي له ، وعليه جاءت حملة جمع التبرعات التي تم إلباسها ثوب صناعة طائرة حتى تتصدى للطائرات المعادية ، أما تسمية الخليج بالفارسي فلا يخفى على مدرك انه خطأ استمر منذ ان عاد  أمير البحر اليوناني  نياركوس  المرسل من قبل الاسكندر من الهند إلي العراق سنة 326 ـ 325 ق . م  عن طريق الخليج حيث كان الاسكندر في انتظاره. فشرح تفاصيل رحلته مكررا  كلمة الخليج الفارسي في كل مرة يتحدث فيها عن الخليج  ليكررها من بعده المؤرخون  لكن خطأ أمير البحر المقدوني  كان في انه لم يتعرف إلا على الساحل الفارسي الذي التصق به أثناء إبحاره ولم يقترب عن وسط الخليج او  أي من جزره الكبيرة ليعرف أن عروبة مياهه أكثر من ملوحتها .

و للبحث أكثر نرفق مصادر الحادثة  من المراسلات البريطانية ، كما نرفق صورة قائد العملية والطائرات المغيرة .

[1] Alberto Rosselli, Italin Raid on Manama 1940

2.Ibid

3. Th GCC states national development records:Defence 1920-1960 . Vol.6, [FO731/24588] p 649

 telegram no 242 from Stonehewer-bird  JEDDA  to London 19th oct.1940

4 Ibid,p652 ,

telegram no 246 from Stonehewer-bird JEDDA to London  22nd oct.1940

5  Ibid,p657 ,

telegram no 276 from Stonehewer-bird JEDDA to London 30 Nov.1940

6 Ibid, ,[FO371/31456],[FO371/31453][wo 201/1370]  p726

 

 

 

د. ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك