د.حسن جوهر يضع حلا للخروج من المأزق السياسي من ثلاثة محاور

زاوية الكتاب

كتب 650 مشاهدات 0




للخروج من المأزق السياسي!
د. حسن عبدالله جوهر
 
حالة الاحتقان السياسي المسيطرة على أجواء الساحة العامة، خصوصاً في العلاقة بين السلطتين منذ أربعة مجالس تشريعية متتالية ستستمر مادامت الثوابت والمتغيرات في قواعد اللعبة السياسية مضطربة وغير مستقرة، ومادام الاستقطاب الشعبي الحاد يغذي ويتحكم بمخرجات الأداء الحكومي والبرلماني معاً.

ومع بداية دور الانعقاد المقبل ستشهد الساحة السياسية سخونة شديدة بسبب الفجوة الكبيرة بين المجلس تقريباً في كل شيء بدءاً بقضية القروض والكوادر الوظيفية وزيادة الرواتب وقضايا الصحة والبيئة والتعليم وانتهاءً بالتلويح بالاستجوابات غير التقليدية بما في ذلك مساءلة رئيس الوزراء.

ويمكن تشبيه الوضع بمباراة من طراز 'الديربي' حيث يتواجه فريقان لدودان يتمتعان بالقوة والتأييد الجماهيري الكبيرين ولا مجال فيها سوى الفوز، وكل فريق يكون قادراً ميدانياً على كسر عظم الفريق الآخر، فمن جهة تمتلك الحكومة الأغلبية البرلمانية في الكثير من المواضيع، خصوصاً بعدما كسبت في المجلس مجموعة من اللاعبين المحترفين في الدفاع والهجوم، كما تمتلك الكارت الأحمر لتشهره في وجه النواب متى ما شاءت.

ومن جهة أخرى لايزال البرلمان يتمتع بقوة هجومية ضاربة وهدافين من الدرجة الأولى من أصحاب الخبرة القادرين على كشف التسلل والانفراد بالمرمى لتسجيل الأهداف بسهولة، ولا يخشون الكروت الصفراء والحمراء لأن عودتهم إلى المباريات القادمة أصبحت مضمونة في حالة حل المجلس وإجراء انتخابات مبكرة.

ولذلك نرى مثل هذه المباريات دائماً يوقفها الحكم قبل مدتها وتعاد من جديد لتصل إلى نفس النهاية غير المحسومة، وهذا ما يتطلب إعادة النظر في مجمل اللعبة والتفكير في حل مرضٍ للطرفين، ومنها القناعة بنتيجة التعادل واقتسام البطولة ولو لمرة واحدة، ولهذا دائماً يقال في حالة خروج فريقين متنافسين تقليدياً متعادلين بأنهما 'حبايب'.

ولعل إحدى طرق الخروج بنتيجة منطقية وعادلة ترضي الجمهور أن تتخذ الحكومة مساراً موازياً لخطة التنمية التي أعلنتها، وستقدم برنامج عملها للسنوات الأربع القادمة بناءً على تلك الرؤية، فمثلما جاءت الحكومة بخطة تشريعية محددة الأهداف ومبرمجة زمنياً ومدعومة بقوانين مقترحة لإقرارها ينبغي أن تكون لها خطة رقابية تضعها مع المجلس بذات الملامح والأهداف والأطر الزمنية.

فقضايا الفساد والتجاوزات، وعلى مستوى العديد من مؤسسات الدولة، لا تحتاج إلى المزيد من الدلائل والبراهين، والكثير من الوزراء أصبحوا على علم تام حتى بتفاصيلها ورموزها وأدواتها وليس عليهم إلا الإعلان عنها مثلما تعاطوا مع الخطة التنموية.

وفعلاً للخروج من المأزق السياسي الحالي، وبدلاً من الرجوع إلى نقطة الصفر وسط تحريض أعداء الديمقراطية على تعليق الدستور أو حل المجلس من جديد لابد من لقاء صريح وشفاف وصادق بين سمو رئيس مجلس الوزراء وأعضاء مجلس الأمة لوضع برنامج استراتيجي للإصلاح، على أن يتضمن هذا البرنامج ثلاثة محاور رئيسة: أولها، تشخيص التجاوزات السافرة قانونياً وإدارياً ومالياً ومحاسبة مرتكبيها مهما علا شأنهم وارتقت مناصبهم. وثانيهما، تبني التشريعات اللازمة لوقف صور وأشكال هذه التجاوزات والجرأة على الأموال العامة. وأخيراً، طرح جدول زمني يحدد مواعيد الانتهاء من حسم هذه الملفات المزرية والنتنة وبشكل معلن.

وفقط من خلال اتباع هذه السياسة يمكن للحكومة أن تكسب ثقة النواب الذين بدورهم يكسبون ثقة الناس، ويبيِّنون للجميع أن مسألة محاربة الفساد ليست تأزيماً، بل مسؤولية تمارس في إطار مؤسسي ومتعاون، وفي حالة عدم التجاوب الحكومي فلن يلومهم حتى خصومهم عند اللجوء إلى استخدام أقوى الأدوات الدستورية!

 

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك