الجاسم يروي تفاصيل تحقيق النيابة واحتجاز حريته

محليات وبرلمان

'تعهد رسمي كويتي للخارجية الأمريكية بإنهاء القضية'

6278 مشاهدات 0


كشف الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم عبر مدونته 'خواطر' عن تفاصيل التحقيق الذي أجرته النيابة العامة منذ الأحد 22 من نوفمبر الماضي إلى أن تم الافراج عنه يوم أمس، على خلفية القضية المرفوعة من قبل رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، وفي ما يلي نص الموضوع كما ورد في مدونة المحامي الجاسم:

سوف أروي لكم هنا كل التفاصيل المتصلة بالتحقيق الذي أجرته معي النيابة العامة وقراراتها باحتجاز حريتي وإحالتي إلى المحكمة المختصة بقضايا جنح التجارة (البسطات وبيع السي دي المقلد والتنزيلات والشيكات بدون رصيد) وتحديد أسرع جلسة في تاريخ القضاء الكويتي، وقرار المحكمة تاركا لفطنتكم فهم سطور”القصة” وما بينها!

الأحد 22 نوفمبر.. في مبنى النيابة العامة:

(1) وكيل النيابة يبدأ بفتح محضر تحقيق ويدون بيانات المتهم محمد عبدالقادر الجاسم ومن حضر معه من المحامين.. المتهم يلاحظ أن وكيل النيابة أخذ يدون أقوال منسوبة إلى المتهم على الرغم من أن المتهم لم يتحدث. اعترض المتهم على ذلك فقام وكيل النيابة بنزع ورقة المحضر من الدفتر ثم أدخلها في آلة تمزيق الورق. (القانون يمنع نسبة أقوال إلى المتهم ويمنع تمزيق محاضر التحقيق)
 
(2) يبدأ وكيل النيابة بسؤال المتهم عما إذا كانت الصورة التي تظهر على شاشة الكمبيوتر هي صورته وما إذا كان الصوت صوته. المتهم يسأل وكيل النيابة عن كيفية حصوله على “السي دي” المعروض ووكيل النيابة يعلن أنه حصل عليه من رئيس مجلس الوزراء، والمتهم يرد “أنا لا أثق بهذا الرجل ولا بما يقدمه لكم”.
 
(3) وكيل النيابة يسأل المتهم عن مشاركته في الندوة.. المتهم يعترض وينبه إلى ضرورة إبلاغه أولا عن سبب حضوره إلى مقر النيابة ووجوب عرض الشكوى عليه ثانيا وسؤاله عن التهمة ثالثا كما تقضي أصول التحقيق.. وكيل النيابة يستجيب ويسأل المتهم عن التهمة لكنه يمتنع عن اطلاعه على الشكوى. (تقضي أصول التحقيق أن يتم إطلاع المتهم على الشكوى). المتهم ينكر التهمة ويقول أنها كيدية سياسية ثم يقرر استخدام حقه القانوني في الامتناع عن الإجابة على أسئلة النيابة (حق التزام الصمت) ووكيل النيابة يقول للمتهم هذا ليس في صالحك والمتهم يقول أنا أمضيت 32 سنة في مهنة المحاماة وأعرف مصلحتي. (التزام المتهم الصمت جاء نتيجة عدم اتباع وكيل النيابة أصول التحقيق).
 
(4) وكيل النيابة يغادر غرفة التحقيق لمدة ساعتين للتشاور مع النائب العام ويعود لإبلاغ المتهم أن القرار تم تسليمه إلى المباحث ويطلب منه الذهاب إلى الإدارة العامة للمباحث الجنائية من دون إبلاغه بقرار النيابة. المتهم يصر على وجوب مواجهته بالقرار ووكيل النيابة يرفض ثم بعد إلحاح يقول إن القرار هو إخلاء سبيل المتهم مع كفالة.. يبادر المتهم بإعلان موقفه برفض دفع الكفالة. وكيل النيابة يصر على ذهاب المتهم إلى المباحث الجنائية. يوافق المتهم ويذهب إلى المباحث وهناك يتم إبلاغه بالقرار بشكل رسمي وهو إخلاء سبيل المتهم إذا دفع كفالة مقدارها ألف دينار والمتهم يعلن رفضه دفع الكفالة. (من حق المتهم رفض دفع الكفالة خاصة إذا شاب التحقيق معه مخالفات جسيمة وإذا كانت الدعوى كيدية سياسية).
 
(5) المباحث تبلغ وكيل النيابة تلفونيا بقرار المتهم قبل انتهاء الدوام الرسمي. ووكيل النيابة يقول للمباحث تلفونيا “خلوه عندكم وباجر دزوا كتاب رسمي بالرفض”. يتم حجز المتهم من دون صدور أمر مكتوب بحجزه ومن دون تحديد مدة للحجز وهذا يشكل جريمة حجز فرد في غير الأحوال القانونية وبغير الإجراءات القانونية وهي جريمة يعاقب من يرتكبها بالحبس لمدة 3 سنوات كحد أقصى. (كان من الواجب قانونا على وكيل النيابة إذا أراد حجز المتهم أن يصدر قرارا مكتوبا بحجزه ولمدة محددة ولا يجوز حجز حرية الأفراد عن طريق التلفون، ولا يجوز حجز المتهم لمجرد أنه رفض دفع الكفالة بل لابد من صدور أمر جديد إما بالحجز لمدة محددة أو بإخلاء السبيل من دون كفالة أو بالحبس الاحتياطي).

الأثنين 23 نوفمبر في مقر المباحث الجنائية

(1) قبل الساعة العاشرة صباحا، المباحث ترسل كتابا إلى النيابة العامة تؤكد فيه رفض المتهم دفع الكفالة وتثبت في الكتاب أن سبب الرفض هو كيدية القضية. في حوالي الثانية ظهرا ترسل النيابة كتابا يتضمن قرارها حجز المتهم لحين سداد الكفالة. (القانون يمنع النيابة العامة من إجبار المتهم على دفع الكفالة بأي وسيلة ولا يجوز حجزه لإجباره على دفع الكفالة ويمنعها القانون من حجزه من دون تحديد مدة الحجز، ومع ذلك لم تلتزم النيابة بحكم القانون فيصر المتهم على موقفه الرافض لدفع الكفالة).

الثلاثاء 24 نوفمبر في مبنى النيابة العامة

(1) صباحا.. محامون يعترضون على سلوك النيابة وقراراتها ويتحدثون عن عزم المتهم على ملاحقة كل من اشترك في جريمة حجز حريته.. وقبيل الظهر وكيل النيابة يتصل بالمباحث الجنائية مستفسرا عن موقف المتهم فيتم إبلاغه بإصرار المتهم على رفض دفع الكفالة واعتراضه على حجزه لعدم قانونيته. وكيل النيابة يقول خلوه عدنكم.. وإذا يبي يعيد مع عياله وأهله خل يدفع الكفالة!
 
الأربعاء 25 نوفمبر في مقر المباحث الجنائية وفي مقر النيابة العامة

(1) المباحث تسأل المتهم عما إذا كان يصر على عدم دفع الكفالة والمتهم يصر على موقفه ويعلن اعتراضه على حجزه. المباحث تعد كتابا إلى النيابة والنيابة تطلب معرفة نص الكتاب قبل إرساله وتعترض على ما ورد فيه في شأن اعتراض المتهم على حجزه وتطلب من المباحث حذف الفقرة. المباحث ترفض حذف الاعتراض وتصر على إرسال الكتاب متضمنا أقوال المتهم كما هي.
 
(2) رئيس جمعية المحامين يتوجه إلى النيابة العامة ويقرر دفع الكفالة من دون علم أو موافقة المتهم رغبة منه في إنهاء المشكلة (لا مانع قانوني في ذلك). النيابة تشترط الحصول على إقرار مكتوب من وكيل المتهم بصحة إجراءات حجزه وبسلامة التحقيق قبل استلام الكفالة (تسعى النيابة إلى تطهير إجراءاتها الباطلة وحماية نفسها من شكوى محتملة ضدها من المتهم ولم يسبق في تاريخ دفع الكفالات أن اشترطت النيابة مثل هذه الشروط).. وكيل المتهم يحضر إلى النيابة ويطلب مهلة للاتصال بالمتهم. المتهم يطالبه بإعلان رفضه تقديم الإقرارات التي تريدها النيابة ويطلب منه الانسحاب فورا من الاجتماع.

(3) بعد الظهر، تصدر النيابة قرارا بحجز المتهم حتى 1 ديسمبر مالم يدفع الكفالة والمتهم يصر على رفض دفعها. (أدركت النيابة أن قرارها بحجز المتهم حجزا مطلقا يشكل جريمة حجز حرية فسعت إلى تصحيح الخطأ عن طريق تحديد مدة الحجز وجعلها إلى 1 ديسمبر)

الثلاثاء 1 ديسمبر في مقر المباحث الجنائية والنيابة العامة

(1) صباحا.. المباحث تطلب من المتهم الاستعداد للمغادرة إلى النيابة العامة بناء على طلب النيابة.

(2) في غرفة نائب مدير نيابة العاصمة.. يدخل مدير النيابة ويلتقي المتهم وعدد من المحامين ويعلن أن هذا الاجتماع غير رسمي ويطلب من المتهم الوصول إلى حل وسط أو تسوية أو مخرج. المتهم يقول أنه لم يرتكب خطأ وأن على النيابة العامة أن تخلي سبيله فورا بعد أن شرح ظروف التحقيق والحجز. (قال المتهم لمدير النيابة حرفيا انتو غرزتوا بتايرين  وبدال ما ترجع لي ورا كملتوا مشيكم وغرزتوا في الأربع تواير ومو مسؤولتي إخراجكم من الغرازة) مدير النيابة يقول أمام شهود أنه والنائب العام لا يعلمون عن واقعة تمزيق محضر التحقيق ولا عن أجواء التحقيق بقوله “إحنا مو في هذا الجو” والمتهم يقول أنتم تصدرون القرارات الباطلة بحجزي من دون سماع أقوالي، وعلى كل حال فكل شيء منشور على الانترنت والنائب العام يعلم بكل التفاصيل. مدير النيابة يقول أن النائب العام لا يقرأ والمتهم يرد هذه ليست مشكلتي. مدير النيابة يصر على حل وسط أو تسوية والمتهم يرفض.

(3) يغادر مدير النيابة الغرفة ثم يصدر قرارا بحجز المتهم لغاية يوم الخميس 3 ديسمبر. والمتهم يستغرب ويستنكر إصدار القرار من قبل مدير النيابة رغم أنه طلب اعتبار الاجتماع غير رسمي وهو لم يكن أصلا من حقق في القضية. هنا يقرر المتهم كشف وقائع الاجتماع بعد إصدار مدير النيابة القرار على الرغم من وجود مانع قانوني يمنعه من ذلك إذ أنه استمع إلى أقوال المتهم خارج نطاق التحقيق الرسمي.

(4) عصرا، معلومات عن استياء دولي من حجز المتهم وأنباء عن اتصالات رسمية من قبل الخارجية الأمريكية وعن تعهد رسمي كويتي بإنهاء القضية يوم الخميس.

الأربعاء 2 ديسمبر

(1) النيابة العامة تقرر على نحو مفاجئ وغير مسبوق في تاريخ القضاء الكويتي إحالة القضية إلى المحكمة وتحديد جلسة لنظر القضية صباح الخميس أمام دائرة جنح التجارة في سابقة غريبة (هذه الدائرة مختصة بنظر قضايا البسطات التجارية وبيع الس دي المقلد وقضايا التنزيلات وهي غير مختصة بقضايا الرأي أو الصحافة أو حتى الجنح العادية.. وكان من الواضح أن النيابة تريد التخلي عن مسؤولية القضية ورميها في حضن القضاء، لكن تبقى أكثر من علامة استفهام في هذه المسألة بالتحديد وفي العادة يستغرق تحديد جلسة أمام محكمة الجنح نحو شهرين من انتهاء التحقيق).

(2) مساء الأربعاء طلب المتهم من المباحث السماح للمحامين بزيارته من أجل التشاور حول احتمالات جلسة الخميس وقد تداول الأمر وتم الاتفاق في الرأي على أن قرار المحكمة سوف يكون إخلاء سبيل المتهم بكفالة 1000 دينار من أجل حفظ ماء وجه النيابة وقرر المتهم دفع الكفالة لأنه لن يتمكن من توجيه الانتقاد لقرار المحكمة ولا يريد الدخول في مواجهة مع القضاء في هذه المرحلة ويكفي حاليا فتح ملف النيابة أمام المجتمع والانطلاق من أجل إصلاحها وتطويرها. (المتهم يطلب من أهله توفير مبلغ الكفالة وإحضاره إلى المحكمة في الغد)

الخميس 3 ديسمبر محكمة الرقعي

(1) يحضر المتهم إلى المحكمة بصحبة المباحث وينبهه أحد المحامين إلى خطأ جسيم وقعت فيه المحكمة وهو كتابة اسم ناصر محمد الصباح كجهة إدعاء بدلا من النيابة العامة. المتهم يترافع أمام المحكمة ويطالبها ليس بإخلاء سبيله بل بتمكينه من استرداد حريته ويطلب من المحكمة تدوين أقواله بالتفصيل. القاضي يتردد قليلا ثم يوافق ويسجل في محضر الجلسة أقوال المتهم عن كل الأخطاء التي شابت مرحلة التحقيق والحجز ويعلن المتهم نيته ملاحقة كل من قام بحجزه ثم يترافع محاموه نيابة عنه ويطلبون تأجيل نظر القضية فترة كافية لإعداد الدفاع.

(2) بعد أكثر من ساعتين يغادر القاضي غرفة المداولة دون إعلان القرار ودون العودة إلى منصة القضاء ويترك مهمة إعلان القرار للحاجب وسكرتير الجلسة. الحاجب يطلب “الحلاوة” من المتهم ويبلغه بأن القرار هو إخلاء سبيل المتهم بكفالة ألف دينار وتأجيل القضية لمدة أسبوع لتحضير الدفاع (عمليا المهلة هي أربعة أيام فقط حيث أن تصوير الملف سوف يتم يوم الأحد القادم).

(3) بعد دفع الكفالة.. المتهم يدعو النائب العام حامد العثمان أمام الصحافة والتلفزيونات إلى التفكير بالاستقالة ويؤكد أنه سوف يلاحق النائب العام محليا ودوليا بتهمة حجز حريته.

(4) المتهم يطلب من المحامين محاولة معرفة كيف تم تحديد الجلسة بهذه السرعة القياسية ولماذا وقع الاختيار على دائرة جنح تجارة وليس على دائرة الجنح المختصة بمثل قضيته.

للعلم، تنص المادة (184) من قانون الجزاء على أنه “كل من قبض على شخص أو حبسه أو حجزه في غير الأحوال التي يقرها القانون أو بغير مراعاة الإجراءات التي يقررها، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات ويجوز أن تضاف إليها غرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين..”.

الآن - مدونة خواطر للكاتب الجاسم

تعليقات

اكتب تعليقك