نواف الفزيع يرى أن الجويهل خلاصة الـ 25 عاما، من تمزق وحدتنا الوطنية، متهما الحكومة بالمسئولية عن تقسيمنا الى بدو وحضر وسنة وشيعة

زاوية الكتاب

كتب 1328 مشاهدات 0



مداولة 
 المحامي نواف سليمان الفزيع 
 
 
 
 تسحير أم تدمير 

«إن عدم شرح الماضي إغفال للمعنى فكأنما الاحداث تحدث بلا أسباب ثم تنقلب على نفسها بلا سبب أيضا وهذا اقرب الى التسحير».

فقرة قرأتها في مقالة أخيرة للاستاذ حازم صاغية في الزميلة جريدة الحياة و«التسحير» كما وصفتها سخرية حازم صاغية هو الوصف المقارب عندنا لمن يصد وجهه عن أسباب الاحداث الاخيرة في الكويت وكأنها حدثت لسحر لا لأسباب افضت اليها.

25 عاما او اكثر من التفرقة بين افراد الشعب الكويتي عبر شراء ولاءات ومباركة للفرعيات ولكل تقسيم ما بين أفراد المجتمع.

تلك هي خلاصة الـ 25 عاما، الجويهل يمزق وحدتنا الوطنية ولبئس الوحدة الوطنية ان كان الجويهل وأمثاله قد استطاعوا تمزيقها، و20 ألفا يجتمعون عند بيت النائب مسلم البراك خلال ساعتين ولا نعلم حتى كتابة هذا المقال كم عدد من اجتمعوا عند بيت النائب الطاحوس.

من يزرع الريح يحصد العاصفة وهذا ايضا ليس تسحيرا بل واقع مارسته ايادي اعتقدت ان في فرقة المجتمع تسيدا عليه فماذا تتوقعون منه الآن؟

الحكومة هي من شجعت تقسيمنا الى بدو وحضر وسنة وشيعة وأحزاب، وهي من سمحت للفرعيات وتحالفت مع التجار ورخصت لجمعية تتحدث باسم طائفة، وهي من باركت للحضر ان يكونوا أصيلين وبياسر وكنادرة وفيلكاوية وأنصارية وعوضية أو فوادرة ونجادة وبني تميم وعجم وهوله وبلوش وسنة وشيعة، وباركت للقبائل ان تنزل بمرشحيها ودعمت فخوذا ضد فخوذ، انتم من سكتم عمن قسم الكويتيين الى داخل السور وخارج السور، وانتم من وجهتم المال السياسي لحث هذه المجاميع ان تتحرك بلسان هذه المجاميع فماذا جنيتم؟ مواقع الكترونية ومبرات ودواوين تنطق وتتكلم باسم هذه الجماعات فماذا تتوقعون وانتم من سمحتم لكل فرقة عشائرية أو طائفية ان تنظم نفسها باسم من يمثلها.

لقد سمحت الحكومة عن قصد أو غير قصد للتنظيم السكاني ان يتخذ شكل هذه المجاميع ويكون التركز السكاني لقبائل في الشمال وقبائل في الجنوب وحضر شيعة على ساحل البحر وحضر سنة لما وراء مناطق ساحل البحر حتى اتى نائب وهدد بعد احداث الانتخابات الفرعية بأن القبيلة ستغلق مداخل ومخارج المنطقة!

ماذا جعلنا من الديموقراطية سوى انها اصبحت في مفهومنا انتخابات وصراخا عاليا، الديموقراطية هدفها ان تمدن المجتمع وتجعله ملتزما اكثر بتطبيق القانون وملتزما اكثر باحترام الرأي الآخر.

اما عن التمدن وهو بمفهوم انشاء دولة لها كيان تذوب فيه كل الكيانات ضاع فلقد اصبحنا قبائل وطوائف وعشائر.

أما في تطبيق القانون، فلننظر كيف تفشى الفساد وعم في البلد، مقيم يضرب ضابط شرطة، مخافر تقتحمها المجاميع، رشاوى في كل مؤسسات الدولة فعن أي ديموقراطية نتحدث؟ أما عن احترام الرأي الآخر وسماعه، هل هناك احد يسمع في هذا البلد سوى صدى صوته؟ الكل يرى نفسه والآخرون هم الجحيم كما يقول سارتر في فلسفته الوجودية الكل لا يقبل النقد من الآخر ولا يحترم فروسية المواجهة، الجويهل قال كلام لا يليق بحق النائب مسلم البراك والآخر وصف الجويهل بالكلب وبالساقط هل هذا مستوى الحوار المنشود في ديموقراطيتنا المزعومة؟!

لقد ردت الحكومة الصاع صاعين لمن يريدون الديموقراطية وها نحن دمرناها بأيدينا.

البلد في طريق النهاية ولا أستبعد أن تكون هناك أيادٍ خارجية وجدت في هذا الضعف والتفكك وغياب الرؤية مجالا لتفكيك البلد كما فعلوا في العراق وفي لبنان والدور قادم علينا.

البلد راح تضيع لأن الصادق عد كذاباً ولأن الكذاب عد صادقا ولأن تافه الرأي صار له مريدوه ولأن الناصح الصادق لا مكان له ولأن المتسلق الوصولي صار مستشارا!
 
 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك