عندما يكون'العنف' أسلوبا للتعامل

محليات وبرلمان

زيادة حالات الطلاق، وتحطيم لنفسية الأطفال

3433 مشاهدات 0



 يعتبر العنف البدني والنفسي الذي يتعرض له أحد أفراد الأسرة عنفا قاسيا لابد أن نعي مخاطره جيدا، حيث أنها  تترك آثارا وأضرارا جسدية و نفسية أو الاثنين معا على الفرد، وهذا العنف عندما يكون داخل سور المنزل فهو يندرج تحت مسمى العنف الأسري، وقد لا تنكشف صورته الحقيقية لعدم وجود  إحصائيات دقيقة لها، لذلك لا يمكن أن تعتبر ظاهرة بسبب العوامل التي تحيط بها، وأولها أن المرأة في المجتمع الكويتي المحافظ تفضل سياسة الكتمان في جميع الظروف الصعبة التي تمر بها، وترفض أن  تظهر أي نوع من العنف الذي يحدث لها أو أي عنف جسدي يحدث ضمن إطار الأسرة كتعرض أحد الأطفال للعنف من قبل الرجل سواء كان زوجا أو أبا أو أي شخص ذي صلة قرابة للضحية التي تتعرض للعنف، والمفترض في هذه الحالات يتم التبليغ للأقرباء على الأقل، أو إيجاد وسيلة  مناسبة  لاحتواء هذه المشكلة دون إثارة الضوضاء حلوها، حيث أن ديننا الإسلامي حثنا على المودة و الرحمة ونشرها بين الناس من خلال وسائل توعية ناجحة.

وهناك عوامل كثيرة تحيط بالرجل الذي يلجأ للعنف وتدفع به لاتخاذ هذا الأسلوب الهمجي منهجا في حياته مع أسرته،  ومنها رؤيته لهذا الشيء بأنه أمر عادي تعود عليه منذ صغره عندما كان يرى والده يستخدم العنف ضد والدته التي تصمت بحكم ظروفها في ذلك الوقت، فيظن أنه لابد أن يطبق ما تربى عليه على زوجته رغم تغير الزمن والقوانين، كما أنه يرى أن المرأة لا بد أن تتحمل هذا العنف ونتائجه كنوع من الاحترام والطاعة التي تستوجب منها هذا التصرف تجاهه، متناسيا أن ظروف المجتمع تبدلت وأصبحت المرأة الآن متعلمة و مثقفة، تعلم جيدا أنها شريكة لزوجها بكل شيء فلابد أن تتلقى أسلوبا راقيا في التعامل نحوها من قبل زوجها، لذلك نجد بعضن يرفضن العنف رفضا تاما، وتفضل الانفصال عند حدوث هذا الأمر لأن نظرتها حتما ستتغير نحو زوجها الذي يلجأ لهذا الأسلوب من خلال تعامله مع زوجته، وهنا لب المشكلة ولذلك بتنا نرى زيادة معدلات الطلاقات خاصة لحديثي الزواج.

ولبعض وسائل الإعلام والفضائيات دور بنشر ثقافة العنف بين الناس، فتجد البعض يشعر برغبة بتنفيذ ما يراه على الشاشة الصغيرة، و تعتبر هذه من الوسائل الخطرة  التي لا نعيها مساوئها بصورة مباشرة، فالعديد من المشاهد على هذه القنوات تدعو لاستخدام العنف بكل أشكاله، وللأسف أحيانا تدعو لاستخدامها ضد أقرب الناس، وكأن العنف أصبح مادة دسمة في الأفلام والمسلسلات لإستقطاب المشاهدين، وربما أبشع و أخطر ما يقدم هي تلك التي تنشر الدماء وتتفنن بتقديمها كوسيلة جذب انتباه للمشاهدين فتكون لدى البعض غريزة جديدة تنجذب نحو هذه المشاهد ولا يستبعد أنها إن بدأت منذ الصغر مع البعض، تنفذ إلى داخله رغبة بتطبيق ما يراه من لقطات مخيفة على أرض الواقع .

العنف يخلف آثارا نفسية مختلفة وقد تستمر طويلا مع الإنسان الذي تعرض لذلك، وتبقى لفترة تصل حتى على التأثير بسلوكياته، ولعل ما نحتاج له الآن هو وجود مراكز استشارية متخصصة بعلاج الأفراد الذين تعرضوا لعنف بحياتهم، وجهات أخرى معينة تساندهم بوضع حلول مناسبة لحالات العنف التي تحدث بالمنازل بالذات، وخاصة أن المجتمع الكويتي لازال يتردد ويخاف من الكشف عن الحالات التي تتعرض لعنف، وهي مسألة لابد أن تصاحبها توعية إعلامية توضح أهم الخطوات التي يجب أن تتبع في حالة التعرض للعنف الجسدي والمعنوي من قبل أحد الأقارب سواء زوج أو أب أو أخ، بالإضافة للتوجه نحو السرية بالتعامل مع هذه الحالات حتى نصل لمرحلة متقدمة في محاولة للحد من هذا العنف، كما أنه لابد من قانون يعاقب من يلجأ للعنف يحد من انتشارها وتكون رادعا قويا يقف ضد من يستخدمها في منزله خاصة ضد الزوجة أو الأبناء، ولابد من وجود آلية واضحة توضع في الجهات التي تأتي لها الحالات المصابة نتيجة عنف أسري وعدم الانحياز للطرف المستخدم للعنف كنوع من إحدى الحلول المتبعة لبعض الجهات،  والمقصد منها هو عدم تضخيم الموضوع وغلق الأبواب أمام من يرغب بتقديم شكوى أو تقارير طبية تثبت التعرض للعنف فلا يجدون دعما أو حلا لما يتعرضون له، فتقفل الأبواب في وجوههم ليعود الوضع كما هو أو يتفاقم مع مرور الزمن، وأحيانا يعطي قوة لمن يستخدم العنف بالاستمرار على وضعه، لذلك لابد من آلية و طريقة واضحة أمام الأشخاص الذين يتعرضون للعنف في الكويت وتقديم  الحماية للأطفال بالذات، لما يتسبب ذلك بآثار شديدة السلبية عليهم، وكذلك الزوجة التي قد يدفعها العنف أحيانا لاتخاذ طريقا خاطئا تسلكه في حياتها، إلا إذا اتضحت لها الرؤية بوجود عدة محطات تساهم بعلاج المشكلة دون أن تضايق من أحد، لتجد الحلول والعلاج المناسب لها .
 
ولعلنا نجد أنفسنا في موقف أصعب حين تكون الأم أو الزوجة هي من تمارس العنف ضد أبنائها أو زوجها، وهذا يحدث بصورة أقل ولكنها موجودة على أرض الواقع ولا يمكن نكرانها، ومنهن من تريد باستخدام العنف تأديب الطفل ولكنها لاتدرك تبعات تصرفها الشاذ هذا على نفسية الطفل في المستقبل.

الآن - تقرير: فوز الظاهر

تعليقات

اكتب تعليقك