فى قراءة تحليلية موجزة للاستجوابات على مدى 15 عاما فإن معظم الأسئلة برأى حجاج بوخضور لم تتطرق إلى الموضوعات الحساسة

 
قراءة تحليلية في الاستجوابات 

كتب حجاج بوخضور : 

يحكم الاستجوابَ عنصران، هما: الضرورة والأهمية، ومن غيرهما يضيع الغرض المقصود من الاستجواب في تحقيق التعاون بين السلطتين من مساءلة ومحاسبة الحكومة على أدائها.
أخيراً كثر استخدام الاستجوابات وتكرار طرح الاسئلة، وتدني لغة الحوار بين النواب، كدلالة على تدني كفاءة الممارسة الديموقراطية وانحرافها الذي أتى سواء بسواء نتيجة تقصير نواب الموالاة والمستقلين في القيام بدورهم التشريعي ومكافحة الفساد، مع ضعف المعارضة بسبب منهجية عملها في التصدي لمنع التجاوزات والانحرافات.
إن طغيان الدور الرقابي على الدور التشريعي هو دلالة بينة على تدني الأداء البرلماني في التشريع، لأن عدم استيفاء نواب الموالاة لدورهم التشريعي يؤدي الى تعسف نواب المعارضة في استخدام الأدوات الرقابية، فكلما كانت القوانين محكمة التنظيم ونصوصها مستوعبة للغاية من التشريع، كانت الممارسة الرقابية تحوطية واستباقية المنهج ووقائية بما يضمن حسن سير العمل وتحصينه عن الانحراف، ولكن كلما كان التشريع مهلهلاً وقاصراً، كان مدعاة للفوضى وسوء التطبيق، بما يدفع الممارسة الرقابية الى العشوائية وانتاج مزيد من الفساد والتأزيم بدلاً من الاصلاح والتقويم.
من تحليل لاستجوابات المجالس النيابية المتعاقبة في الــ 15 سنة الأخيرة، نلاحظ أن معظم الاسئلة التي طرحت لم تتطرق الى الموضوعات الحساسة، خاصة المتعلقة بالتنمية والأمن والاصلاح، ولم يستخدم أسلوب السؤال استخداماً منتجاً لا من حيث الوقت والظرف والموضوع المناسب، ولا من حيث الاستعداد والتوظيف الصحيح للرقابة والتشريع. واجوبة الحكومة عليها عمومية ومتأخرة ومتكررة. كما أن جهود نواب الموالاة تتسم بالسلبية وانتهاز ظروف التأزيم لعقد الصفقات والمقايضة والتكسب الانتخابي الشخصي.
إن علة كل الاستجوابات السابقة هي في ابتعادها عن الغرض الرقابي من تحقيق التعاون في مناقشة الحكومة ومحاسبتها، وعدم الالتزام بضوابط الاستجواب الدستورية من حيث الايجاز في صياغة السؤال، وتحديد ووضوح وقائعه، والحفاظ على وحدة الموضوع، وعدم تناسب توقيته مع الظروف العامة واستخدام عبارات غير لائقة في الاسئلة وتكرار طرحها، واستجواب الوزير عن أعماله السابقة قبل توليه الوزارة، ومفاجأته بمواضيع جديدة ليست لها صلة بالاستجواب الاساسي، ومساءلته عن اعمال وزير آخر.
ان التوصيات التي نراها ضرورية حتى يتم تسهيل مهمة النائب في اقتراح التشريعات المناسبة، ومناقشة الحكومة ومراقبتها لتطوير العمل الحكومي، هي في قيام امانة المجلس بتزويد النواب بالتجهيزات اللازمة، مثل مراكز المعلومات والدوائر الفنية المساعدة والمكتبات المتطورة، وبمساعدين من الباحثين واصحاب الاختصاص، وتطوير نماذج اعداد التقارير التي تسهم في تشخيص الاداء عن سير العمل الحكومي، وعقد المزيد من الندوات وتنظيم برامج ودورات تثقيفية للنواب الراغبين في تطوير قدراتهم، خصوصا حول موضوعات مراقبة الاداء الحكومي.

حجاج بوخضور