الخصخصة بين الأهمية والإشكالية

محليات وبرلمان

1191 مشاهدات 0


بعد ما أثير في الشارع الكويتي من آراء متباينة حول قانون الخصخصة ، وتحدي اتحاد عمال النفط وتضامن جميع النقابات والاتحاد العام والاتحاد الوطني معه ، والتهديد بإضراب شامل ، نظمت الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني ندوة بعنوان الخصخصة بين الأهمية والإشكالية شارك فيها النائب عدنان المطوع والخبير الاقتصادي حجاج بوخضور والناشط السياسي خالد الشليمي والمستشار الاقتصادي غازي المضف وأدار الندوة نائب رئيس الجمعية فايز النشوان.

في البداية قال فايز النشوان أن قانون الخصخصة ظل يتداول في مجلس الأمة على مدى سنوات طويلة تزيد عن 15 عاما ، وتعاقبت عليه مجالس أمة كثيرة ، وتساءل عن أهمية قانون الخصخصة والإشكالية فيه ، أما عن الإشكالية فتمثلت في نقل آراء النواب المعارضين للقانون إلى الشارع الكويتي ، وهذا التصرف دخيل على العمل البرلماني ، وكان عليهم عرض آراءهم في اجتماع مع بقية النواب داخل المجلس وفق الأطر السليمة بدلا من التأجيج الإعلامي وإدخال البلد في عنق الزجاجة .

وأشار إلى أن بعض النواب نقلوا آراءهم سواء كانت مصيبة أو خاطئة خارج قاعة عبد الله السالم متسائلا هل فعلوا ذلك لتسجيل موقف أمام القواعد الانتخابية ، مؤكدا أن ما حدث ليس له أي دخل بالحياة السياسية.

ورأى أن قانون الخصخصة قانون مفيد جدا لكن كان من الأولى قبل إقراره أن يتم إقرار عدد من القوانين ، أولها قانون حماية المستهلك الحبيس الأدراج في مجلس الأمة ، وتفعيل قانون 10/10 الخاص بحماية المنافسة والقضاء على الاحتكار ، حيث لم يفعل هذا القانون بسبب أخطاء إجرائية به ، وهناك قانون الذمة المالية الذي يجب إقراره .


من جانبه قال النائب عدنان المطوع أن قانون الخصخصة يأتي ضمن مجموعة من القوانين وضعتها لجنة الأولويات لأنها مستحقة لتنفيذ الخطة التنموية ، فالقطاع الخاص سيكون مسؤولا عن تنفيذ الخطة التنموية ويتحمل أكثر من 60% من إنجاز الخطة ، فالأولى أن يكون هناك تجهيزات واستعدادات من الدولة تهيئ للقطاع الخاص أن يدخل في مجالات مساندة لعمل الدولة ، دخول القطاع الخاص جاء لتصحيح الوضع المتردي من الإدارات الحكومية في إدارة شؤونها وكذلك في تطوير التنمية البشرية وتطوير المنتج الحكومي .

وأضاف أن الحكومة مطالبة بتوفير فرص عمل ، وهي غير قادرة عن توفير فرص عمل بوضعها الحالي ، وبسبب زيادة الباب الأول من الميزانية المعني بالرواتب ، حيث من المتوقع أن يواجه الحكومة عجز مستقبلي ، لن تكون قادرة على اجتيازه والتخلص منه ، وهناك أرقاما معروفة ومحسوبة ، هناك إحصائيات بعدد الخريجين وعدد سكان الكويت والتركيبة السكانية ، والتوسع العمراني ، ما يزيد الطلب على التوظيف والحكومة مسؤولة عن إيجاد فرص عمل .

وأوضح أن مصدر الوحيد للكويت هو النفط ، وهو مصدر ثابت غير متغير وأسعاره ثابتة غير متغيرة ، والمبالغ التي لدى الدولة تصرفها على الخدمات ، حيث تستهلك أرقاما كبيرة ، ولن تستطيع الاستمرار بنفس طريقة الصرف خصوصا مع ازدياد التعداد والتوسع العمراني ، ولن تستطيع مستقبلا تغطية احتياجات البلد ، وفي النهاية سيكون هناك عجز متوقع ومحسوب في ميزانية الدولة ، وكل الإحصائيات تشير إلى ذلك .

وأكد أن الحلول تتركز في جعل الكويت مركزا ماليا واقتصاديا ، وهذا ما وضع في الخطة التنموية أنه بحلول 2035 تكون الكويت مركزا عالميا ماليا واقتصاديا بمساهمة القطاع الخاص في التنمية ، وتأسيس هيئة للخصخصة لوضع أولويات خدمات ومرافق الدولة التي تحتاج إلى الخصخصة ، إذا كانت هذه المرافق غير قادرة على الاستمرارية ، وفيها هامش من الربحية ، وفيها مجال لدخول القطاع الخاص ، يجب علينا خصخصتها لوضع حلول لمعالجة الخلل الموجود، وأكد أن القطاع الخاص عندما يدخل لشراء بعض مرافق الدولة يجب أن يكون بها هامش ربحية ، وتكون قابلة للتنمية والتطوير لزيادة الإنتاجية وتحسين الخدمات ، فتكون بذلك مربحة .

وبين أن الخصخصة هي مشاركة القطاع الخاص ، ومشاركة شعبية يشارك بها المواطنون بنسبة 40% و20 % للدولة و5% للموظفين تأمينا لحقوقهم الوظيفية و35 للمستثمر ، وهناك السهم الذهبي للحكومة لاستخدامه للمراقبة والفيتو في حال وجود قرارات مجحفة في حق العمال ، أو أن تقل الأرباح أو أن تحدث مخلفات للقانون بأي شكل من الأشكال.

وأضاف علينا توفير فرص للقطاع الخاص حتى يعمل ، هذا ليس فقط في قانون الخصخصة ، هذا أيضا في قانون ال BOT ، علينا توفير الكثير من الأراضي لمشاركة القطاع الخاص في بناء المساكن منخفضة التكاليف والمخازن والمدن العمالية والمدن الاستثمارية ، منوها بأن تأسيس الشركات بالمساهمة العامة هو أحد السبل التي بها توزيع للثروة وتعتبر استثمارا ناجحا للمواطن، ومشاركة بالرقابة ، مؤكدا أن الغرض من الخصخصة هو التنمية وإيجاد حلول للاحتياجات المستقبلية.

وأكمل أن هناك قناعة بأن العجز قادم ، كما أن العجز الاكتواري في التأمينات الاجتماعية موجود، مشاركة التأمينات الاجتماعية بوضع الحلول للحفاظ على حقوق الموظفين وضعت بشكل دقيق ومدروس من اللجنة ، وهناك خطة موضوعة لتأمين موظفي القطاع الخاص ، منها إعطاء 3 سنوات إضافية لمن لا يرغب للحصول على تقاعده المبكر بعد عمل 30 سنة ، كذلك هناك فرصة لانتقاله بين الجهات الحكومية مع إلزام تلك القطاعات بتدريبه وتأهيله بنفس الراتب ، أو أن يثبت كفاءته في نفس الشركة التي يعمل بها ، منوها بأن القطاع الخاص سخي في الرواتب بالإضافة إلى الدعم الحكومي .

وأشار إلى أن إقرار قانون الخصخصة في المداولة الأولى ليس معناه غلق كل الأبواب ، مازال القانون يرجع إلى اللجنة المالية وعلى أي نائب معترض على القانون أن يتقدم بالآراء التي يراها مناسبة ، وكل ما تم عرضه بالبرلمان أثناء مناقشة القانون تم تدوينه ، مؤكدا أن الاقتراحات بتثبيت السهم الذهبي أو إعطاء فرص أكبر ، لافتا إلى أنه لا توجد بالقانون مخالفات دستورية بل على العكس القانون غطى كل الفقرات الدستورية التي نخاف عليها ، وأكبر خوف من موظفي القطاع النفطي ، وهناك تخوف من خصخصة الصحة والتربية ، وهذه القطاعات لا تخصخص إلا بقانون .

أما ما أثير حول الثروات النفطية والغازية فقد أكد أن هذه الثروات محصنة في القانون ، ومن حق الدولة أن تستفيد منها ، ومن حق المواطن أن يستفيد من هذه المنتجات ، فتعاون القطاعين الخاص والحكومي واجب ، وخلق فرص للقطاع الخاص أن ينمو ويكبر ويتحمل نسبة من المسؤولية في بناء البلد هذا حق ، ونريد بخطتنا أن نعالج التطورات والاحتمالات والمخاطر المستقبلية بإيجاد فرص بأن ينتقل هذا العبء من الدولة إلى القطاع الخاص ليتحمل المسؤولية كما كانت الكويت في الأصل ، في إشارة منه إلى أن الكويت قديما كانت تعتمد على القطاع الخاص .

ورأى أن استمرارية الاعتماد على القطاع الحكومي لن يأتي سوى بعجز واضح ، وخطورة مستقبلية واضحة وترهل وظيفي ، سيؤدي إلى عدم الرغبة في شراء هذه المرافق ، وعدم رغبة القطاع الخاص فيها ، ضاربا المثل بالخطوط الكويتية ، فرغم انقضاء السنتين إلا أنها لم تتم الخصخصة كما كان مخطط لها ، ملقيا العبء على الإدارة بها لأنها خلقت جو غير جذاب للمستثمر للإقبال على شراءها ، وأشار إلى مسؤولية الموظفين في الحفاظ على تلك المرافق وتنمية عملها حتى تعود بالنفع على الموظف والمستثمر معا ، فنحن نبحث عن مصادر دخل للدولة غير نفطية .

وطالب بأن يكون التفكير في الخصخصة عام وألا ينحصر في الثروات النفطية ، فمن حق الشركات الكويتية الاستفادة من الخامات النفطية وإعادة إنتاجها وتطويره بما يعود بالنفع للجميع.


من جانبه وصف الناشط السياسي خالد الشليمي خصخصة القطاع العام بأنه هروب للحكومة من فشلها في إدارة القطاع العام وإلقائه إلى القطاع الخاص ، موضحا أن الدولة طوال عشرات السنوات الماضية كانت تأخذ الدخل النفطي وتصرفه على الميزانية ، لم تنظر إلى الأمام بل كانت تنظر تحت ، ثم فكروا في الاستثمارات الخارجية في السبعينيات ، وتساءل عن الجدوى أو الفائدة من تلك الاستثمارات طوال 40 عام ، الاستفادة الوحيدة كانت في فترة الغزو حيث دعنت الشعب الكويتي وساهمت في تكاليف حرب الخليج .

وقال الآن نستجدي القطاع الخاص أن ينتشل البلد من كلفة الرواتب التي تمثل عبئا على ميزانية الدولة ، رغم أن أكبر عبء على ميزانية الدولة هي رواتب الوزراء ووكلاء الوزراء والمساعدين وكبار المستشارين والعاملين بديوان مجلس الوزراء وديوان ولي العهد .

وأضاف أن قانون الخصخصة ظاهره طيب والمبدأ مقبول لكن على الإطلاق مصيبة كبيرة وهناك الكثير من الشواهد تؤكد ذلك ، وهناك تخوف فإذا كانت الدولة مهيمنة على كل شيء وتستطيع تمرير المشاريع في مجلس الأمة ورغم ذلك لم تستطع حماية المسرحين إلا بطلب من مجلس الأمة في جلسة خاصة .

وتطرق إلى قانون الرياضة 3 سنوات لم تستطع الحكومة حل المشكلة ، وكأنها كرة تقطها على هذا الصوب أحيانا وعلى الصوب الآخر أحيانا أخرى ، وهي مشكلة بسيطة تافهة قياسا بالمشاكل الأخرى وأشار إلى مشاريع كبرى تقدمت بها الحكومة وأقنعت الشارع بأنها مشاريع جبارة كالداو كيميكال والمصفاة الرابعة ، وآخرتها لا نجد سوى التراجع الحكومي ، واصفا الحكومة بأنها ضعيفة لا تملك روح المبادرة .

واضاف أن الحكومة اليوم تقط 37 مليار دينار في 5 سنوات ، مؤكدا أن هناك توجها بالحكومة لتقليص فترة خطة التنمية إلى 3 سنوات هي عمر المجلس الحالي ، وتريد إكمال مدة المجلس الحالي لأنها تملك أغلبية داخله لتمرير الغلط والصح معا .

وعبر عن خشيته بألا يأتي مجلس يكون قادر على حماية المواطن ويكون أكثر موالاة للحكومة من المجلس الحالي ، وتطرق إلى موضوع خصخصة محطات الوقود ، وما قامت به من تسريح للموظفين الكويتيين والاستعاضة عنهم بعمالة رخيصة لتقليل المصروفات ، رغم دعم الدولة للقطاع الخاص من خلال برنامج دعم العمالة ، مؤكدا أن القطاع الخاص بالكويت قطاع مستهلك وليس منتجا ، متسائلا عن انتاج القطاع الخاص ؟ قائلا أنه ينتج مناديل ورقية ، رغم أن القطاع الخاص هو الذي يدير الدول العظمى ، أما في الكويت فهو يأخذ فلوس من الدولة بحجة الاستثمار ودعم الاقتصاد الكويتي .

ورأى أن كبار المتنفذين هم المستفيدين من الخصخصة وقال ليت الخصخصة جاءت مع خطة تنمية البلد وليس تنمية جيوب المتنفذين ، وتمنى إصلاح البلد والقضاء على الواسطة التي تؤثر سلبيا على تطور البلد ، لافتا إلى أن الواسطة تتحكم في الكثير من المناصب القيادية ، فالمختارين يتم تعيينهم بالواسطة وإدارات المجالس العليا أيضا، منوها بأن الكهرباء لا تستطيع تحصيل الفواتير وتريد إلقاء ذلك على القطاع الخاص ، منتقدا خصخصة القطاع النفطي ، قائلا هذا ما يصير ، أن نضع مصير الدولة في يد القطاع الخاص، وإذا كانت الدولة عجزت عن محاربة الفساد فذلك لأنها لم تضع الرجل المناسب في المكان المناسب.


وبدوره تحدث الخبير الاقتصادي حجاج بو خضور حول نفس القضية مؤكدا ان القطاع الخاص وضعه اسوأ من الحكومة وليس مؤهلا لإدارة الاقتصاد الكويتي .

وراى ان المشكلة في الأزمة المالية بالكويت هو غياب الرقابة ، لافتا إلى أن 80% من عمليات الاكتتاب هي نماذج للاحتيال والنصب على المواطنين والسبب عدم تفعيل قانون الشركات وغياب الرقابة ، وتساءل عن جدوى نقل القطاع العام إلى كيانات عائلية ، علاقة التوظيف بها علاقة عائلية ، وبهذا ننقل القطاع العام إلى قطاع خاص تحكمه بعض العائلات ، وكان يجب التركيز ان تكون الخصخصة إلى شركات مساهمة وليس عائلية .

واكد أن المخرجات التعليمية لا تتواءم مع سوق العمل الخاص ، وان العمالة الوطنية لم تتطور وظيفيا ولم تدرب طوال 30 عاما ، والكفاءة هي الضمان الوحيد للأمان الوظيفي في القطاع الخاص .


من جهته قال المستشار الاقتصادي غازي المضف أن قانون الخصخصة مهم للدولة ونقلة للكويت، وأشار إلى التجارب العالمية الناجحة في مجال الخصخصة ، واشار إلى أن الكويت كانت في الستينات قطاع خاص أممت الحكومة بعض القطاعات ، وكانت تجربة الخطوط الجوية ناجحة جدا ، والآن أصبحت من أفشل الشركات ، كما كان تاميم شركة البترول الوطنية ناجحا فما الذي غير الإدارة الكويتية من إدارة ناجحة إلى إدارة فاشلة حكوميا ، وما الذي جعل إدارة شركة التموين والمطاحن الكويتية ناجحة حتى الآن وتعتبر تجربة حكومية ناجحة وفريدة .

وأشار إلى أن الحكومة هي التي صوتت قانون الخصخصة وهذا اعتراف ضمني أنها غير قادرة على إدارة بعض القطاعات وأن لديها عجز في الإدارة ، حتى 2004 كان لدينا 65 شركة ومن 2004 حتى الآن دخل أكثر من 200 شركة ، أكثرها لم يضف شيئا ، فالخصخصة والتأميم تبادل أدوار حسب الظروف السياسية والاجتماعية الموجودة .

الآن - محرر المحليات

تعليقات

اكتب تعليقك